للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات،

ــ

من وجهين أحدهما في وقت الأذان والثاني في مكان الخطبة، فإن مسلمًا ذكر أن الخطبة كانت ببطن الوادي قبل إتيان الموقف، والشافعي ذكر أنها بعد إتيان عرفة وحديث مسلم أصح، ويترجح بوجه معقول، وهو أن المؤذنين قد أمروا بالإنصات كما أمر به سائر الناس، وكيف يؤذن من قد أمر بالإنصات؟ ثم لا يبقى للخطبة معنى، إذ يفوت المقصود منها أكثر الناس لاشتغال سمعهم بالأذان عن استماعها، قال البيهقي: وهذا التفصيل في ابتداء بلال بالأذان، وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان مما تفرد به ابن أبي يحيى، ثم ذكر الطبري رواية الملا من سيرته، وقد ذكرناها مع كلامه عليها قبل ذلك، ثم قال الطبري: وقال مالك: إن شاء يؤذن والإمام يخطب، وإن شاء يؤذن بعد الفراغ من الخطبة. وقال مرة أخرى إذا فرغ الإمام من الخطبة ابتدأ بالأذان ثم بالإقامة ثم بالصلاة. قال ابن حزم: وهذا القول الثاني عن مالك هو الصحيح الذي لا يجوز تعديه لصحته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبه نأخذ إقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا خير في مخالفته. قال الطبري: وجمعه - صلى الله عليه وسلم - بالناس بعرفة دليل على جواز الجمع في السفر القصير، إذ لم ينقل عن أحد من أهل مكة التخلف عن الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم -، فإن الجمع بعلة النسك، وفي المسألة ثلاثة أقوال، أحدها: أنه بعلة أصل السفر، الثاني، بعلة السفر الطويل، الثالث: بعلة النسك. وقال في موضع آخر: قد اختلف أصحابنا هل كان جمعه - صلى الله عليه وسلم - بعلة مطلق السفر أو الطويل أو بعلة النسك؟ والظاهر أنه بعلة النسك حتى يجوز للآفاقي والمكي والمزدلفي والمعرفي، وعلى الأول لا يجوز للمعرفي، وعلى الثاني لا يجوز لغير الآفاقي، ولا خلاف أنه سنة، حتى لو صلى كل صلاة وحدها في وقتها جاز (ثم ركب) أي القصواء كما في رواية ابن الجارود أي وسار (حتى أتى الموقف) أي أرض عرفات، أو اللام للعهد والمراد موقفه الخاص ويؤيده قوله (فجعل بطن ناقته القصواء) بالجر (إلى الصخرات) بفتحتين، قال الطيبي: أي منتهيًا إليها، وتعقبه الأبي فقال: إن كان الوقوف على الصخرات صح هذا التقدير، والأظهر أنه تجوز بالبطن عن الوجه، والتقدير: وجعل وجه ناقته، وهذا إن كانت الصخرات في قبلته لأنه إنما وقف مستقبل القبلة. وقال القرطبي: يعني أنه علا على الصخرات ناحية منها حتى كانت الصخرات تحاذي بطن ناقته. قال الولي العراقي: لا حاجة إلى هذا لأن من وقف بحذاء صخرة على ناقة صار بطنها بحذائها أي إلى جانبها، وليس يشترط في محاذاة بطن الناقة لها أن يكون عاليًا عليها – انتهى. وقال الطبري: ظاهر قوله ((جعل بطن ناقته إلى الصخرات)) يدل على أنه كان واقفًا على الصخرات حتى يكون بطن الناقة إليها، ويؤيده ما رواه ابن إسحاق في سيرته أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((هذا الموقف)) للجبل الذي كان واقفًا عليه - انتهى. قال النووي: الصخرات حجرات مفترشات في أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات فهذا هو الموقف المستحب. وأما ما اشتهر بين العوام من الاعتناء بصعود الجبل وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه فغلط، بل الصواب جواز الوقوف في

<<  <  ج: ص:  >  >>