للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

متفق عليه.

٢٥٦٧- (٤) وعن أبى سعيد الخدري، قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصرخ بالحج صراخًا

ــ

عقيب الصلاة، وإذا استوت به راحلته، وإذا بدأ بالسير سواء، لأن الجميع قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق صحيحة قال الأثرم: سألت أبا عبد الله أيما أحب إليك الإحرام في دبر الصلاة؟ أو إذا استوت به راحلته؟ فقال: كل ذلك قد جاء في دبر الصلاة، وإذا علا البيداء، وإذا استوت به ناقته، فوسع ذلك كله. والأولى الإحرام عقيب الصلاة لما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس وفيه بيان وزيادة علم فيتعين حمل الأمر عليه ولو لم يقله ابن عباس لتعين حمل الأمر عليه جمعًا بين الأخبار المختلفة، وهذا على سبيل الاستحباب، وكيفما أحرم جاز، لا نعلم أحدًا خالف في ذلك - انتهى مختصرًا. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢: ص١٠، ١٧، ١٨، ٢٨، ٢٩، ٣٧) ومالك، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والبيهقي وغيرهم بألفاظ مختلفة، واللفظ المذكور لأحمد (ج٢: ص٢٩، ٣٧) ومسلم، وابن ماجة باختلاف يسير.

٢٥٦٧- قوله (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصرخ) بالضم حال أي نرفع أصواتنا بالتلبية وفي رواية: قدمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نصرخ، قال النووي: فيه استحباب رفع الصوت بالتلبية وهو متفق عليه بشرط أن يكون رفعًا مقتصدًا بحيث لا يؤذي نفسه، والمرأة لا ترفع بل تسمع نفسها، لأن صوتها محل فتنة، ورفع الرجل مندوب عند العلماء كافة، وقال أهل الظاهر: هو واجب - انتهى. ويأتي مزيد الكلام في هذه المسألة في شرح حديث خلاد بن السائب الآتي (بالحج صراخًا) بضم الصاد مفعول مطلق، ولعل الاقتصار على ذكر الحج لأنه الأصل والمقصود الأعظم أو لأنه المبدوء به ثم أدخل عليه العمرة، قال القاري: وقد يقال: هذا حال الراوي ومن وافقه، وأما حاله عليه الصلاة والسلام فمسكوت عنه يعرف من محل آخر فلا ينافي ما سيأتي - انتهى. وفي الحديث دليل على استحباب ذكر النسك في التلبية، ويدل عليه أيضاً حديث أنس الآتي. قال المحب الطبرى: الظاهر من لفظ الحديث ذكر النسك في التلبية، وقد اختلف أصحابنا في استحباب ذلك فمنهم من استحبه لظاهر هذه الأحاديث، ومنهم من قال: لا يستحب لما تقدم من حديث جابر قال: ما سمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلبيته قط حجًا ولا عمرة، ومن حديث عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر حجًا ولا عمرة. أخرجهما البيهقي ولما روي عن ابن عمر أنه كان إذا سمع بعض أهله يسمي حجًا يقول: لبيك بحج، صك في صدره وقال: أتعلم الله بما في صدرك؟ أخرجه البيهقي وسعيد بن منصور وقال: أتعلم الله بما في نفسك؟ قال الطبري: هذا الاختلاف - والله أعلم - في غير التلبية الأولى التي تكون عند عقد الإحرام، أما تلك فالظاهر استحباب ذكر النسك فيها قولاً واحدًا، وعلى ذلك يحمل ما ورد من الأحاديث، على أن حديث ابن عمر يعم الأولى وغيرها - انتهى. قال القاري: في حديث أبى سعيد رد على الشافعية أنه إنما يذكر الحج والعمرة في أول تلبيته فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>