٢٥٦٨- (٥) وعن أنس، قال: كنت رديف أبى طلحة وإنهم ليصرخون بهما جميعًا الحج والعمرة.
ــ
وقال ابن قدامة (ج٣: ص٢٩٠، ٢٩١) : ويستحب ذكر ما أحرم به في تلبيته. قال أحمد إن شئت لبيت بالحج، وإن شئت لبيت بالحج والعمرة، وإن شئت بعمرة، وإن لبيت بحج وعمرة بدأت بالعمرة، فقلت: لبيك بعمرة وحجة. وقال أبو الخطاب: لا يستحب ذلك، وهو اختيار ابن عمر، وقول الشافعي لأن جابرًا قال: ما سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلبيته حجًا ولا عمرة، وسمع ابن عمر رجلاً يقول: لبيك بعمرة. فضرب صدره وقال: تعلمه ما في نفسك؟ ولنا ما روى أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لبيك عمرة وحجًا، وقال جابر: قدمنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقول: لبيك بالحج. وقال ابن عباس: قدم رسول الله وأصحابه وهم يلبون بالحج، وقال ابن عمر: بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج. متفق على هذه الأحاديث. وقال أنس: سمعتهم يصرخون بهما صراخًا. رواه البخاري. وقال أبو سعيد: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نصرخ بالحج فحللنا. فلما كان يوم التروية لبينا بالحج وانطلقنا إلى منى. وهذه الأحاديث أصح وأكثر من حديثهم. وقول ابن عمر يخالفه قول أبيه، فإن النسائي روى بإسناده عن الصبي بن معبد أنه أول ما حج لبى بالحج والعمرة جميعًا، ثم ذكر ذلك لعمر فقال: هديت لسنة نبيك، وإن لم يذكر ذلك في تلبيته فلا بأس، فإن النية محلها القلب - انتهى. (رواه مسلم) وأخرجه أحمد (ج٣: ص٥، ٧٥) والبيهقي (ج٥: ص٤٠) .
٢٥٦٨- قوله:(كنت رديف أبى طلحة) أي راكبًا خلف ظهره وهو زوج أمه (وإنهم) أي الصحابة والنبي معهم (ليصرخون) اللام فيه للتأكيد (بهما) أي بالحج والعمرة (جميعًا الحج والعمرة) بالجر على أنه بدل من الضمير في بهما، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هما أو أحدهما الحج والآخر العمرة، ويجوز النصب على الاختصاص بتقدير أعني وفيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا. وقال المهلب: إنما سمع أنس من قرن خاصة، وليس في حديثه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرخ بهما وإنما أخبر بذلك عن قوم، وقد يمكن أن يسمع قومًا يصرخون بحج وقومًا يصرخون بعمرة. قال العيني: هذا تحكم وخروج عما يقتضيه الكلام، فإن الضمير في ((يصرخون)) يرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من أصحابه. والباء في بهما يتعلق بيصرخون، فكيف يفرق مرجع الضمير إلى بعضهم بشيء وإلى الآخرين بشيء آخر - انتهى مختصرًا. وقال الكرماني أيضاً: مراد أنس بذلك من نوى منهم القرآن، ويحتمل أن يكون على سبيل التوزيع بأن يكون بعضهم صارخًا بالحج وبعضهم بالعمرة. قال الحافظ ويشكل عليه قوله في الطريق الأخرى يقول: لبيك بحجة وعمرة معًا. وسيأتي إنكار ابن عمر على أنس ذلك، وسيأتي ما فيه في باب التمتع والقرآن - انتهى. وقال