للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

..............................................................................................

ــ

حديث ابن عباس هذا في طريقه خصيف وهو ضعيف، وحديث أبى داود الأنصاري المازني من طريقة قوم غير مشهورين والأحاديث الدالة على إحرامه - صلى الله عليه وسلم - بعد ما استقلت به راحلته، وإحرامه بعد الاستواء على البيداء كلها صحيحة، متفق علي صحتها، إلا أن في أحاديث ابن عمر زيادة على حديث جابر، وأنس وعائشة، وهو: أنه - صلى الله عليه وسلم - أهل من عند مسجد ذي الحليفة حين أدخل رجله في الغرز واستقلت به الراحلة، وهذا صريح في الدلالة على أنه لم يكن عقيب الركوب ولا في مصلاه، ولو صح حديث ابن عباس، وأبى داود لوجب تقديم العمل به على حديث ابن عمر لما فيه من الزيادة، لكن لما كان حديث ابن عمر متفقًا على صحته ولم يصح حديثهما وجب المصير إليه دونهما، ولما كان في حديث ابن عمر زيادة على حديث من سواه ممن اتفق على صحة روايته وهي كون الإهلال من عند المسجد فيكون ذلك قبل الاستواء على البيداء، وجب العمل به، ويكون من رواه عند الاستواء على البيداء إنما سمعه حالتئذٍ يلبي فظن أن ذلك أول إهلاله. ويمكن أن يقضي بحديث ابن عمر على حديث ابن عباس، ويكون قوله: ((في مصلاه)) زيادة من الراوي ليس من قول ابن عباس ويصدق على من أحرم من عند المسجد عند استقلال ناقته به أنه لما فرغ من ركعتيه أهل، ولا يلزم من ذلك التعقيب. وهذا الجمع أولى من إسقاط حديث من أصله. والله أعلم، هذا آخر كلام ابن حزم. قال الطبري بعد ذكره: وما رواه الترمذي وقال: ((هو حسن)) فيه دلالة على جواز الاحتجاج به، والمختار المصير إليه والعمل به - انتهى. قلت: وقع في نسخ الترمذي الموجودة عندنا بعد رواية حديث ابن عباس من طريق خصيف مختصرًا ((هذا حديث غريب)) ليس فيها لفظ: ((حسن)) ونسب الزيلعي إليه أنه قال: حديث حسن غريب، وهذا يدل على اختلاف نسخ الترمذي. والله أعلم. قال الحافظ في الفتح: قد اتفق فقهاء الأمصار على جواز جميع ذلك، وإنما الخلاف في الأفضل - انتهى. قلت: ذهب مالك، والشافعي والجمهور إلى أن الأفضل أن يحرم إذا انبعثت راحلته لاتفاق أغلب الروايات في المعنى وأصحها وأشهرها على أنه - صلى الله عليه وسلم - أهل عند انبعاث راحلته وانبعاثها هو استواؤها قائمة. وقال أبو حنيفة، وأحمد، وداود: يحرم عقب الصلاة وهو جالس في مصلاه قبل ركوب دابته وقبل قيامه. قال النووى: وهو قول ضعيف للشافعي، وفيه حديث من رواية ابن عباس لكنه ضعيف - انتهى. قلت: يشير إلى حديث ابن عباس الذي أحال عليه الزيلعي، والحافظ، والشوكاني وغيرهم للجمع بين الأحاديث المختلفة في مبدأ إحرامه - صلى الله عليه وسلم -، وقد سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم مفسر (أي لغيره من الأحاديث الواردة) في الباب ولم يخرجاه، وأقره عليه الذهبي، وإنما ضعفه من ضعفه كالنووي، والبيهقي والمنذري لأن في إسناده خصيف بن عبد الرحمن وهو غير متفق على ضعفه، على أن النووي نفسه قال في شرح المهذب: وأما قول البيهقي أن خصيفًا غير قوي، فقد خالفه فيه كثيرون من الحفاظ والأئمة المتقدمين فوثقه يحيى بن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، ومحمد بن سعد. وقال النسائي فيه: ((هو صالح)) - انتهى. قال ابن قدامة في المغني (ج٣: ص٢٧٥) : قد روى عن أحمد أن الإحرام

<<  <  ج: ص:  >  >>