للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

..............................................................................................

ــ

آخرون فظنوا أنه شرع في الإهلال في ذلك الوقت لأنهم لم يسمعوا إهلاله بالمسجد فقالوا: إنما أهل عندما استقلت به راحلته، ثم روى كذلك من سمعه يهل على شرف البيداء، وإلى هذا الجمع مال ابن القيم حيث قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر ركعتين ثم أهل بالحج والعمرة في مصلاه ثم ركب على ناقته وأهل أيضاً، ثم أهل لما استقلت به على البيداء - انتهى مختصرًا ملخصًا. ويؤيد هذا الجمع ما رواه أحمد (ج١: ص) ، وأبو داود، والحاكم (ج١: ص٤٥١) ، والبيهقي (ج٥: ص٣٧) ، والطحاوي (ج١: ص٣٦٢) عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: عجبًا لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلاله فقال: إني لأعلم الناس بذلك إنما كانت منه حجة واحدة، فمن هنالك اختلفوا، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه فسمع ذلك منه أقوام فحفظوا عنه، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أن الناس كانوا يأتون أرسالاً فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل فقالوا: إنما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استقلت به ناقته ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما علا شرف البيداء أهل، وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا: إنما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين علا على شرف البيداء، وأيم الله لقد أوجب في مصلاه وأهل حين استقلت به ناقته، وأهل حين علا على شرف البيداء - انتهى. قال الحافظ في الفتح: وقد أزال الإشكال أي إشكال اختلاف الروايات في مكان إهلاله - صلى الله عليه وسلم - ما رواه أبو داود، والحاكم من طريق سعيد بن جبير قلت لابن عباس: عجبت، فذكر الحديث، ثم قال: فعلى هذا فكان إنكار ابن عمر على ما يخص الإهلال بالقيام على شرف البيداء - انتهى. وقال الشوكاني في شرح حديث ابن عباس المذكور: هذا الحديث يزول به الإشكال، ويجمع بين الروايات المختلفة بما فيه، فأوضحه ثم قال: وهذا يدل على أن الأفضل لمن كان ميقاته ذا الحليفة أن يهل في مسجدها بعد فراغه من الصلاة، ويكرر الإهلال عند أن يركب على راحلته وعند أن يمر بشرف البيداء - انتهى. وقال الطحاوي بعد رواية حديث ابن عباس المذكور: فبين عبد الله ابن عباس الوجه الذي جاء اختلافهم، وأن إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي ابتدأ الحج ودخل به فيه كان في مصلاه، فبهذا نأخذ، ينبغي للرجل إذا أراد الإحرام أن يصلي ركعتين ثم يحرم في دبرهما كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا قول أبى حنيفة، وأبى يوسف، ومحمد - انتهى. وقال الحافظ في الدراية: قوله: ((ولو لبى بعد ما استوت به راحلته جاز)) ولكن الأول يعني الإهلال دبر الصلاة في مسجد ذي الحليفة أفضل لما روينا، كذا قال. والأحاديث في أنه لبى بعد ما استوت به راحلته أكثر وأشهر من الحديث الذي احتج به فذكرها من رواية ابن عمر، وأنس، وجابر، ثم قال: وقد ورد ما يجمع بين هذه الأحاديث (المختلفة) من حديث ابن عباس عند أبى داود، والحاكم فذكره، ثم قال: وهذا لو ثبت لرجح ابتداء الإهلال عقيب الصلاة إلا أنه من رواية خصيف (بن عبد الرحمن) وفيه ضعف - انتهى. وقال ابن حزم:

<<  <  ج: ص:  >  >>