للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك،

ــ

أذن في الناس بالحج، قال: رب! وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعليّ البلاغ. قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون. ومن طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وفيه: ((فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء)) ، وأول من أجابه أهل اليمن. فليس حاج يحج من يومئذٍ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذٍ. قال ابن المنير في الحاشية: وفي مشروعيته التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى (اللهم لبيك) أي يا الله! أقمت ببابك إقامة بعد إقامة وأجبت نداءك إجابة بعد أخرى. وجملة ((اللهم)) بمعنى يا الله بين المؤكد والمؤكد، والتثنية لإفادة التكرار والتكثير، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} (٦٧: ٤) أي كرات كثيرة، وتكرار اللفظ لتوكيد ذلك (لبيك لا شريك لبيك) استئناف فيستحسن الوقف على لبيك الثانية كما يستحسن على الرابعة. قال القاري: التلبية الأولى المؤكدة بالثانية لإثبات الألوهية، وهذه بطرفيها لنفي الشركة الندية والمثلية في الذات والصفات (إن الحمد) روى بكسر الهمزة على الاستيناف وفتحها على التعليل، وجهان مشهوران لأهل الحديث واللغة. قال الجمهور: والكسر أجود. وحكاه الزمخشري عن أبى حنيفة، وابن قدامة عن أحمد بن حنبل، وحكاه ابن عبد البر عن اختيار أهل العربية. وقال الخطابي: الفتح رواية العامة. وحكاه الزمخشري عن الشافعي. وقال ثعلب: الاختيار الكسر، وهو أجود في المعنى من الفتح، لأن من كسر جعل معناه: إن الحمد والنعمة لك على كل حال، ومن فتح قال معناه: لبيك لهذا السبب، وكذا رجح الكسر ابن دقيق العيد، والنووي، قال ابن دقيق العيد: لأنه يقتضي أن تكون الإجابة مطلقة غير معللة، وأن الحمد والنعمة لله على كل حال، والفتح يدل على التعليل، فكأنه يقول: أجبتك لهذا السبب، والأول أعم وأكثر فائدة. وقال ابن الهمام: الكسر أوجه ويحوز الفتح، أما الكسر فهو على استيناف الثناء وتكون التلبية للذات، والفتح على أنه تعليل للتلبية، أي لبيك لأن الحمد والنعمة لك. ومال الباجي إلى أن لا مزية لأحد الوجهين على الآخر، وقال ابن عبد البر: المعنى عندي واحد، لأنه يحتمل أن يكون من فتح الهمزة أراد لبيك لأن الحمد على كل حال، والملك لك والنعمة وحدك دون غيرك حقيقة لا شريك لك. وتعقب بأن التقييد ليس في الحمد، وإنما هو في التلبية، فمعنى الفتح تلبيته بسبب أن له الحمد، ومعنى الكسر تلبيته مطلقًا غير معلل ولا مقيد فهو أبلغ في الاستجابة لله (والنعمة لك) المشهور فيه النصب. قال عياض: ويجوز الرفع على الابتداء، ويكون الخبر محذوفًا، والتقدير: إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك. قال ابن الأنباري: إن شئت جعلت خبر إن محذوًفا، والموجود خبر المبتدأ تقديره: إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك (والملك) بالنصب أيضاً على المشهور، ويجوز الرفع وتقديره: والملك كذلك، قال الحافظ: وقال الولي العراقي: فيه وجهان أيضاً، أشهرهما النصب

<<  <  ج: ص:  >  >>