للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا شريك لك. لا يزيد على هؤلاء الكلمات

ــ

عطفًا على اسم إن، والثاني الرفع على الابتداء، والخبر محذوف لدلالة الخبر المتقدم عليه. ويحتمل أن تقديره: والملك كذلك. وقال القاري: بالنصب عطف على الحمد ولذا يستحب الوقف عند قوله: ((والملك)) قال ابن المنير: قرن الحمد والنعمة وأفرد ((الملك)) لأن الحمد متعلق بالنعمة ولهذا يقال: الحمد لله على نعمه فجمع بينهما، وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لأنه صاحب الملك. قال القاري: ولا مانع من أن يكون ((الملك)) مرفوعًا، وخبره (لا شريك لك) أي فيه (لا يزيد) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (هؤلاء الكلمات) أي التلبية المذكورة. قيل: هذا لا ينافي ما رواه النسائي وغيره من حديث أبى هريرة قال: كان من تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((لبيك إله الحق)) لاحتمال أن ابن عمر لم يسمعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعها أبو هريرة، والظاهر أنه كان يقول هذه الجملة التي رواها أبو هريرة قليلاً لتضافر الروايات على رواية ابن عمر. قلت حديث ابن عمر الذي نحن في شرحه رواه الشيخان من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، وروى أحمد (ج٢: ص٤٧، ٧٧) ، ومالك، ومسلم من طريق نافع عن ابن عمر مرفوعًا لفظ التلبية كما هو متفق عليه، ثم زادوا ((قال (أي نافع) وكان عبد الله بن عمر يزيد مع هذا: لبيك، لبيك، لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل)) فإن قيل: كيف زاد ابن عمر في التلبية ما ليس منها مع أنه كان شديد التحري لإتباع السنة؟ واللائق بورعه وشدة إتباعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يزيد على تلبيته - صلى الله عليه وسلم - أجاب الأبي بأنه رأى أن الزيادة على النص ليست نسخًا، وأن الشيء وحده كذلك هو مع غيره، فزيادته لا تمنع من إتيانه بتلبية النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو فهم عدم القصر على أولئك الكلمات، وأن الثواب يتضاعف بكثرة العمل، واقتصار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بيان لأقل ما يكفي وأجاب الولي العراقي بأنه ليس فيه خلط السنة بغيرها، بل لما أتى بما سمعه ضم إليه ذكرًا آخر في معناه، وباب الأذكار لا تحجير فيه إذا لم يؤد إلى تحريف ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الذكر خير موضوع والاستكثار منه حسن، على أن أكثر هذا الذي زاده كان - صلى الله عليه وسلم - يقوله في دعاء استفتاح الصلاة، وهو: لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك - انتهى. والجوابان متقاربان. وفي مسلم وأحمد (ج٢: ص١٣١) : عن ابن عمر، كان عمر يهل بإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هؤلاء الكلمات، ويقول: لبيك اللهم لبيك وسعديك، إلى آخر ما زاده هنا، قال الحافظ: فعرف أن ابن عمر اقتدى في ذلك بأبيه، وأخرج ابن أبى شيبة عن المسور بن مخرمة قال: كانت تلبية عمر، فذكر مثل المرفوع وزاد: لبيك مرغوبًا ومرهوبًا إليك، ذا النعماء والفضل الحسن - انتهى. واعلم أنه أجمع المسلمون على لفظ التلبية المذكورة في حديث ابن عمر المتفق عليه، وحديث جابر الطويل عند مسلم في قصته حجة الوداع، ولكن اختلفوا في الزيادة عليه بألفاظ فيها تعظيم الله ودعاءه ونحو ذلك، فكره بعضهم الزيادة على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحكاه ابن عبد البر عن مالك قال: وهو أحد قولي الشافعي. وقال آخرون: لا بأس بالزيادة المذكورة، واستحب بعضهم الزيادة المذكورة. قال ابن عبد البر: أجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>