للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

متفق عليه.

٢٥٦٥- (٢) وعن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهل ملبداً

ــ

على أن بقاء أثر الطيب ورائحته بعد الإحرام لا يضر ولا يوجب فدية كما هو مذهب الجمهور: الشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة وغيرهم من السلف والخلف خلافًا لمالك ومن وافقه. (متفق عليه) أي على أصل الحديث، وقد رواه البخاري في الطهارة، وفي الحج، وفي اللباس، ومسلم في الحج، وصنيع المصنف والبغوي يدل على أن سياق الحديث على النسق المذكور للشيخين جميعًا وأنهما أورداه بهذا اللفظ، والأمر ليس كذلك فقولها: ((لإحرامه قبل أن يحرم ولحله)) لمسلم. ولفظ البخاري: ((لإحرامه حين يحرم)) وفي أخرى له: ((حين أحرم ولحله حين أحل)) وقولها: ((بطيب فيه مسك)) لمسلم وحده. وأما قولها: ((كأني أنظر)) إلخ. فقد اتفقنا عليه، رواه البخاري في الطهارة، والحج، ومسلم في الحج والحديث أخرجه أيضاً أحمد، ومالك، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان، والطحاوي، وابن الجارود، والبيهقي وغيرهم بألفاظ مختلفة متقاربة المعنى من شاء الوقوف على اختلاف روايات الشيخين وأصحاب السنن رجع إلى جامع الأصول (ج٣: ص٣٩٧) .

٢٥٦٥- قوله: (يهل) من الإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية (ملبدًا) بكسر الباء وفتحها، حال من فاعل يهل، أي سمعته يرفع صوته بالتلبية حال كونه ملبدًا شعر رأسه بنحو الصمغ لينضم الشعر ويلتصق بعضه ببعض احترازًا عن تمعطه وتقمله. قال العلماء: التلبيد إلصاق شعر الرأس عند الإحرام بالصمغ أو الخطمي وشبههما مما يضم الشعر ويلزق بعضه ببعض ويمنعه من التشعث، والتمعط، والتقمل، وتخلل الغبار في الإحرام، وإنما يفعل ذلك من يطول مكثه في الإحرام، واستفيد من استحباب التلبيد قبل الإحرام لكونه أرفق به. وقد نص عليه الشافعي وأصحابه، وهو موافق لحديث الأعرابي الذي خر عن بعيره وهو محرم فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يمسوه بطيب ولا يخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا. وفي رواية ((ملبدًا)) رواه أحمد، والشيخان. قلت: التلبيد مندوب عند الشافعية صرح به العيني، والقسطلاني، والطبري وغيرهم، وكذا ذكره في مندوبات الإحرام أصحاب فروع الشافعية كصاحب تحفة المحتاج (ج٤: ص٥٦) وغيره، وأما عند الحنفية فصرح أهل فروعهم أن التلبيد إن كان بالثخين ففيه دم للتغطية وإن كان مع الطيب أيضاً ففيه دمان. قال ابن الملك: التلبيد جائز عند الشافعي، وعندنا يلزمه دم إن لبد بما ليس فيه طيب لأنه كتغطية الرأس، ودمان إن كان فيه طيب. وأشكل عليه صاحب البحر بما ثبت في الصحيحين من تلبيده - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن عابدين في هامشه: أجاب عنه العلامة المقدسي في شرحه بقوله: أقول لا ريب في وجوب حمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على ما هو سائغ بل ما هو أكمل. فالتلبيد الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - يسير لا يحصل به التغطية، ولا يمنع ابتداء فعله في الإحرام ولا بقاؤه. والموجب للدم يحمل على المبالغة فيه بحيث تحصل منه تغطية. وقال أيضاً في رد المحتار: وعليه يحمل ما في الفتح عن رشيد الدين في مناسكه إذ قال: وحسن أن يلبد رأسه قبل الإحرام - انتهى. وقال صاحب الغنية (ص٣٥) : وحسن أن يلبد رأسه بنحو خطمي أو

<<  <  ج: ص:  >  >>