للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

فقال: لا، وسئل عن سفرها يومًا فقال: لا، وكذلك البريد، فأدى كل منهم ما سمعه، وما جاء منها مختلفًا عن راو واحًد فسمعه في مواطن فروى تارة هذا وتارة هذا وكله صحيح، وليس في كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد - صلى الله عليه وسلم - تحديد أقل ما يسمى سفرًا، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرًا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يومًا أو بريدًا أو غير ذلك لرواية ابن عباس المطلقة فإنها تتناول جميع ما يسمى سفرًا - انتهى. وقد يمكن أن يجمع بينها بأن اليوم المذكور مفردًا والليلة المذكورة مفردة بمعنى اليوم والليلة المجموعين فمن أطلق يومًا أراد بليلته أو ليلة أراد بيومها، وهكذا عادة العرب يطلقون الليالي ويريدون بعددها من الأيام، ويكون ذكره يومين مدة مغيبها في هذا السفر في الذهاب والإياب يعنى أشار عند جمعهما إلى مدة الذهاب والرجوع، وعند إفرادهما أشار إلى قدر ما تقضي فيه الحاجة، والثالث، أي الوسط بين السير والرجوع لقضاء الحاجة في المقصد فأشار مرة إلى مسافة السفر ومرة إلى مدة الغيبة، وهكذا ذكر الثلاث فقد يكون اليوم الوسط بين الذهاب والرجوع الذي يقضي حاجتها بحيث سافرت له ويحتمل أن يكون هذا كله تمثيلاً لأقل الأعداد وأوائلها إذا الواحد أول العدد وأقله والاثنان أول الكثير وأقله والثلاث أول الجمع وأقله، فكأنه أشار إلى أن مثل هذا في قلة الزمن لا يحل لها السفر فيه مع غير ذي محرم فكيف بما زاد عليه، ولهذا قال في الحديث الآخر ((ثلاثة أيام فصاعدًا)) وحاصله أنه نبه بمنع الخروج أقل كل عدد على منع خروجها من البلد مطلقًا إلا بمحرم أو زوج ويحتمل أن يكون ذكر الثلاث قبل ذكر ما دونها فيؤخذ بأقل ما ورد في ذلك، وأقله الرواية التي فيها ذكر البريد فعلى هذا يتناول السفر طويل السير وقصيره، ولا يتوقف امتناع سير المرأة على مسافة القصر خلافًا للحنفية كذا في الفتح. وقال الشوكاني: قد ورد من حديث ابن عباس عند الطبراني ما يدل على اعتبار المحرم فيما دون البريد، ولفظه: لا تسافر المرأة ثلاثة أميال إلا مع زوج أو ذي محرم. وهذا هو الظاهر أعني الأخذ بأقل ما ورد لأن ما فوقه منهي عنه بالأولى، والتنصيص على ما فوقه كالتنصيص على الثلاث واليوم والليلة واليومين والليلتين لا ينافيه لأن الأقل موجود في ضمن الأكثر، وغاية الأمر أن النهى عن الأكثر يدل بمفهومه على أن ما دونه غير منهي عنه، والنهي عن الأقل منطوق وهو أرجح من المفهوم. وقالت الحنفية: إن المنع المقيد بالثلاث متحقق، وما عداه مشكوك فيه فيؤخذ بالمتيقن ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما سواها، فإنه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية تقديم الخبر العام على الخاص، وقد خالفوا ذلك هنا. والاختلاف إنما وقع في الأحاديث التي وقع فيها التقييد بخلاف حديث ابن عباس فإنه لم يختلف فيه عليه، فهو سالم من الاضطراب، فالأخذ به أولى وقيل: ليس هذا من المطلق والمقيد الذي وردت فيه قيود متعددة وإنما هو من العام لأنه نكرة في سياق النفي فيكون من العام الذي ذكرت بعض أفراده ولا تخصيص بذلك على الراجح في الأصول. وأعلم أنهم اختلفوا في اشتراط المحرم أو الزوج

<<  <  ج: ص:  >  >>