للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

بسبب مباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها فإنهما تحرمان على التأبيد وليستا محرمين، لأن وطئ الشبهة لا يوصف بالإباحة لأنه ليس بفعل المكلف، وخرج بقوله لحرمتها الملاعنة، لأن تحريمها ليس لحرمتها بل عقوبة وتغليظًا، والمحرم عام فيشمل محرم النسب كأبيها وابنها وأخيها وابن أختها وابن أختها وخالها وعمها، ومحرم الرضاع كأخيها من الرضاع وابن أخيها وابن أختها منه ونحوهم، ومحرم المصاهرة كأبي زوجها وابن زوجها، فيجوز لكل هؤلاء السفر بها والخلوة بها والنظر إليها من غير حاجة لكن لا يحل النظر بشهوة لأحد منهم هذا مذهب الشافعي والجمهور ووافق مالك على ذلك كله إلا ابن زوجها فكره سفرها معه لفساد الناس بعد العصر الأول ولأن كثيرًا من الناس لا ينزل زوجة الأب في النفرة عنها منزلة محارم النسب والمرأة فتنة إلا فيما جبل الله النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب. قال النووي: وعموم هذا الحديث يرد على مالك، وقال ابن دقيق العيد: الحديث عام، فإن عنى بالكراهة التحريم مع محرمية ابن الزوج فهو مخالف لظاهر الحديث بعيد، وإن عنى كراهة التنزيه للمعنى المذكور فهو أقرب تشوفًا إلى المعنى، وقد فعلوا مثل ذلك في غير هذا الموضع، ومما يقويه ها هنا قوله ((لا يحل)) (في حديث ابن عمر عند الشيخين وحديث أبي هريرة عند مسلم وغيره) استثنى منه السفر مع المحرم فيصير التقدير ((إلا مع ذي محرم)) فيحل ويبقي النظر في قولنا ((يحل)) هل يتناول المكروه أم لا بناء على أن لفظة ((يحل)) يقتضي الإباحة المتساوية الطرفين، فإن قلنا: لا يتناول المكروه. فالأمر قريب مما قاله إلا أنه تخصيص يحتاج إلى دليل شرعي عليه، وإن قلنا: يتناول. فهو أقرب لأن ما قاله لا يكون حينئذ منافيًا لما دل عليه اللفظ - انتهى. وفي الحديث دليل على تحريم سفر المرأة من غير محرم وهو مطلق في قليل السفر وكثيره وفي سفر الحج وغيره، وقد وردت أحاديث مقيدة لهذا الإطلاق إلا أنها اختلف ألفاظها ففي لفظ ((لا تسافر ثلاثاً)) وفي آخر ((فوق ثلاث)) وفي آخر ((يومين)) وفي آخر ((يومًا وليلة)) وفي آخر ((يومًا)) وفي آخر ((ليلة)) وفي آخر ((بريدًا)) وهو عند أبي داود والحاكم والبيهقي، وفي آخر ((ثلاثة أميال)) وهو عند الطبراني، قال الحافظ: وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات. وقال العيني: في هذا الحديث أن المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم، وعموم اللفظ يتناول عموم السفر فيقتضي أن يحرم سفرها بدون ذي محرم معها سواء كان سفرها قليلاً أو كثيرًا للحج أو غيره، وإلى هذا ذهب إبراهيم النخعي والشعبي وطاوس والظاهرية، واحتج هؤلاء أيضًا بحديث أبي هريرة الآتي - انتهى. قال عياض بعد ذكر الألفاظ المختلفة في التقييد: هذا كله ليس يتنافر ولا يختلف، وقد يكون هذا في مواطن مختلفة ونوازل متفرقة فحدث كل من سمعها بما بلغه منها وشاهد، وإن حدث بها واحد فحدث مرات بها على اختلاف ما سمعها - انتهى. وقال النووي: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن. قال البيهقي: كأنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن المرأة تسافر ثلاثًا بغير محرم فقال: لا، وسئل عن سفرها يومين بغير محرم

<<  <  ج: ص:  >  >>