للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

في الآية مخصوص اتفاقًا وقال الخطابي: في هذا الحديث بيان جواز حج الإنسان عن غيره حيًا وميتًا وأنه ليس كالصلاة والصيام وسائر الأعمال البدنية التي لا تجرى فيها النيابة، وإلى هذا ذهب الشافعي، وكان مالك لا يرى ذلك وقال: لا يجزئه إن فعل وهو الذي روى حديث ابن عباس، وكان يقول في الحج عن الميت: إن لم يوص به الميت أن تصدق عنه وأعتق أحب إليَّ من أن يحج عنه، وكان إبراهيم النخعي، وابن أبي ذئب يقولان: لا يحج أحد عن أحد والحديث حجة على جماعتهم - انتهى. وقال العيني: في الحديث جواز الحج عن غيره إذا كان معضوبًا، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك، والليث، والحسن بن صالح: لا يحج أحد عن أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام، وحاصل ما في مذهب مالك ثلاثة أقوال، مشهورها: لا يجوز، ثانيها: يجوز من الولد، ثالثها: يجوز إن أوصى به. وعن النخعي وبعض السلف: لا يصح الحج عن ميت ولا عن غيره. وهي رواية عن مالك وإن أوصى به قال القرطبي: رأى مالك أن ظاهر حديث الخثعمية مخالف لظاهر القرآن يعني قوله تعالى: {لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (- ٥٣: ٣٩) فرجع ظاهر القرآن، ولا شك في ترجيحه من جهة تواتره ومن جهة أن القول المذكور قول امرأة ظنت ظنًا، قال: ولا يقال قد أجابها النبي - صلى الله عليه وسلم - على سؤالها، ولو كان ظنها غلطًا لبينه لها، لأنا نقول: إنما أجابها عن قولها ((أفاجع عنه؟ قال: حجى عنه)) لما رأى من حرصها على إيصال الخير والثواب لأبيها - انتهى. وتعقب بأن في تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لها على ذلك حجة ظاهرة، وأما ما رواه عبد الرزاق من حديث ابن عباس فزاد في الحديث ((حج عن أبيك، فإن لم يزده خيرًا لم يزده شرًا)) فقد جزم الحفاظ بأنها رواية شاذة وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها للمخالف، كذا في الفتح، وذكر ابن حزم في المحلى (ج٧ ص ٥٨) حديث ابن عباس هذا من طريق عبد الرزاق ثم أجاب عنه وقد أحسن في الجواب فارجع إليه. وأجاب بعض المالكية عن حديث الخثعمية بأن ذلك وقع من السائل على جهة التبرع وليس في شيء من طرقه تصريح بالوجوب، وبأنها عبادة بدنية فلا تصح النيابة فيها كالصلاة وقد نقل الطبري وغيره الإجماع على أن النيابة لا تدخل في الصلاة، قالوا: ولأن العبادات فرضت على جهة الابتلاء وهو لا يوجد في العبادات البدنية إلا بإتعاب البدن فيه يظهر الانقياد أو النفور بخلاف الزكاة فإن الابتلاء فيها بنقص المال وهو حاصل بالنفس وبالغير. وأجيب بأن قياس الحج على الصلاة لا يصح لأن عبادة الحج مالية بدنية معًا فلا يترجح إلحاقها بالصلاة على إلحاقها بالزكاة، ولهذا قال المازري: من غلب حكم البدن في الحج ألحقه بالصلاة، ومن غلب حكم المال ألحقه بالصدقة، وقد أجاز المالكية الحج عن الميت إذا أوصى به، ولم يجيزوا ذلك في الصلاة، وبأن حصر الابتلاء في المباشرة ممنوع لأنه يوجد في الآمر من بذله المال في الأجرة كذا في الفتح. قلت: ويعتضد تغليب حكم المال بحديث الخثعمية وغيره من الأحاديث الواردة في الحج عن الغير حيًا وميتًا، وسيأتي مزيد الكلام في مسألة المستطيع بغيره في

<<  <  ج: ص:  >  >>