للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

شرح حديث ابن عمر سادس أحاديث الفصل الثاني وللمسألة فروع مفيدة جدًا يجب معرفتها منها: أنه لا فرق عند الجمهور بين من وجد الاستطاعة وهو معذور ومن وجدها وهو صحيح ثم طرأ عليه العذر لظاهر حديث الخثعمية خلافًا لما هو المشهور عن أبي حنيفة. فإن قيل فلم لا يجوز أن يكون الحج مستقرًا في ذمته قبل العضب؟ لما طرأ العضب سألت عن أداء ما كان واجبًا عليه ويدل عليه رواية أخرى عند مسلم بلفظ ((إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره)) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فحجي عنه، وكذلك رواية أحمد ((والحج مكتوب عليه)) قلنا لا دلالة في الحديث على وقت الإدراك بل هو مجمل والحديث الأول مبين له، وهو قولها: ((أدركت أبي شيخًا كبيرًا)) ، أي في هذه الحالة ويكون هذا السؤال وقع منها مرتين ذكرت في إحداهما وقت الإدراك وفي الأخرى أخبرت أن عليه الفرض، وتريد الذي أدركه في تلك الحال فيجمع بين الحديثين إذ لا تضاد بينهما. ومنها: أنهم اختلفوا فيما إذا عوفي المعضوب فقال الجمهور: لا يجزئه لأنه تبين أنه لم يكن ميئوسًا منه، وقال أحمد وإسحاق: لا تلزمه الإعادة كذا في الفتح وقال النووي في مناسكه: ولو استناب المعضوب من يحج عنه فحج عنه ثم زال العضب وشفي لم يجزه على الأصح بل عليه أن يحج. وقال ابن قدامة (ج٣ ص٢٢٨) : ومتى أحج هذا، (أي العاجز عن الحج لمانع مأيوس من زواله كزمانة) عن نفسه ثم عوفي لم يجب عليه حج آخر، وهذا قول إسحاق، وقال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر: يلزمه لأن هذا بدل إياس فإذا برأ تبين أنه لم يكن مأيوسًا منه فلزمه الأصل. ولنا أنه أتى بما أمر به فخرج عن العهدة كما لو لم يبرأ، أو نقول أدى حجة الإسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان كما لو حج بنفسه، ولأن هذا يفضي إلى إيجاب حجتين عليه، ولم يوجب الله عليه إلا حجة واحدة - انتهى. وقال في الهداية: والشرط العجز الدائم إلى وقت الموت، لأن الحج فرض العمر. قال ابن الهمام: وإنما شرط دوامه إلى الموت لأن الحج فرض العمر فحيث تعلق به خطابه لقيام الشروط وجب عليه أن يقوم هو بنفسه في أول أعوام الإمكان، فإذا لم يفعل أثم، وتقرر القيام بها بنفسه في ذمته في مدة عمره، وإن كان غير متصف بالشروط فإذا عجز عن ذلك بعينه وهو أن يعجز عنه في مدة عمره رخص له الاستنابة رحمة وفضلاً منه فحيث قدر عليه وقتًا ما من عمره بعد ما استناب فيه لعجز لحقه ظهر انتفاء شرط الرخصة. ومنها: ما قال ابن قدامة (ج٣: ص٢٢٩) : من يرجى زوال مرضه والمحبوس ونحوه ليس له أن يستنيب فإن فعل لم يجزئه وإن لم يبرأ، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة له ذلك، ويكون ذلك مراعى، فإن قدر على الحج بنفسه لزمه وإلا أجزأه ذلك لأنه عاجز عن الحج بنفسه أشبه المأيوس من برئه، ولنا أنه يرجو القدرة على الحج بنفسه فلم يكن له الاستنابة ولا تجزئه أن فعل كالفقير، وفارق المأيوس من برئه لأنه عاجز على الإطلاق آيس من القدرة على الأصل فأشبه الميت، ولأن النص إنما ورد في الحج عن الشيخ الكبير وهو ممن لا يرجى منه الحج بنفسه فلا يقاس عليه إلا من كان مثله فعلى هذا إذا استناب من يرجو

<<  <  ج: ص:  >  >>