الأداء على ما صححه قاضي خان في شرح الجامع، واختاره كثير من المشايخ، منهم ابن الهمام، فعلى الأول لا يجب على الأعمى والمقعد والمعضوب، أي: الضعيف والزمن الذي لا حراك به على ما في القاموس، والمراد هنا الشيخ الكبير الذي لا يثبت على الراحلة. قال ابن الهمام: ففي المشهور عن أبي حنيفة أنه لا يلزمهم الحج. قال في البحر: وهذا عند أبي حنيفة في ظاهر الرواية وهو رواية عنهما. وقالا في ظاهر روايتهما وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة أنه يجب على هؤلاء إذا ملكوا الزاد والراحلة ومؤنة من يرفعهم ويضعهم. والخلاف المذكور في من وجد الاستطاعة وهو معذور، أما إن وجدها وهو صحيح ثم طرأ عليه العذر فالاتفاق على الوجوب - انتهى مختصرًا. واستدل بحديث الباب على وجوب الاستنابة على العاجز عن الحج الفرض، وقال عياض: لا حجة فيه لذلك، لأن قولها ((إن فريضة الله على عباده)) ألخ، لا يوجب دخول أبيها في هذا الفرض، وإنما الظاهر من الحديث أنها أخبرت أن فرض الحج بالاستطاعة نزل وأبوها غير مستطيع فسألت هل يباح لها أن تحج عنه له ويكون له في ذلك أجر؟ يعني أن معنى قولها المذكور أن إلزام الله عباده بالحج الذي وقع بشرط الاستطاعة صادف أبي بصفة من لا يستطيع فهل أحج عنه هل يجوز لي ذلك أو هل فيه أجر ومنفعة؟ فقال: نعم. ولا يخالفه. قوله ((فحجي عنه)) لأنه أمر ندب وإرشاد ورخصة لها أن تعمل لما رأى من حرصها على تحصيل الخير لأبيها. قال الحافظ وتعقب بأن في بعض طرقه التصريح بالسؤال عن الإجزاء فيتم الاستدلال، وفي بعض طرق مسلم ((إن أبي عليه فريضة الله في الحج)) ولأحمد في رواية ((والحج مكتوب عليه)) - انتهى. قلت: قولها ((أدركت أبي)) يرد التأويل الذي ذكره عياض فأنه صريح في إدراك الفرض له، والظاهر من إدراك الفرض للإنسان اللزوم وصرف اللفظ عن ظاهره خلاف الأصل وادعى بعض المالكية أن هذه القصة مختصة بالخثعمية كما اختص سالم مولى أبي حذيفة بجواز إرضاع الكبير حكاه عنه ابن عبد البر وتعقب بأن الأصل عدم الخصوصية واحتج بعضهم لذلك بما رواه عبد الملك بن حبيب صاحب الواضحة بإسنادين مرسلين فزاد في الحديث ((حج عنه وليس لأحد بعده)) ولا حجة فيه لضعف الإسناد مع إرسالهما، وقد عارضه قوله في حديث الجهنية في باب الحج والنذر عن الميت عند البخاري ((اقضوا الله فالله أحق بالوفاء)) وادعى آخرون منهم أن ذلك خاص بالابن يحج عن أبيه ولا يخفى أنه جمود. واستدل بحديث الباب على جواز الحج عن غيره إذا كان لا يستطيع الحج بنفسه وأنه ليس كالصلاة والصوم وسائر الأعمال البدنية وأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك أن الله عز وجل إنما أراد بقوله:{وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}(- ٥٣: ٣٩) بعض الأعمال دون بعض. قال ابن العربي: حديث الخثعمية حديث متفق على صحته في الحج خارج عن القاعدة المستقرة في الشريعة من أن ليس للإنسان إلا ما سعي، رفقًا من الله في استدراك ما فرط فيه المرء بولده وماله، وتعقب بأنه يمكن أن يدخل في عموم السعي وبأن عموم السعي