للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ما هو بيان أحكام زائدة على ما جاء في القرآن، ومنها ما هو بيان للناسخ والمنسوخ، ومنها ما هو تأكيد لما جاء في القرآن، وغير ذلك.

ثالثا: تفسير القرآن بأقوال الصحابة:

والمؤلف -رحمه الله تعالى- كثيرًا ما يستشهد بالتفسير الصحيح لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثيرًا ما يذكر لتفاسيرهم شواهد من آيات القرآن الكريم أو من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ففي تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} .

قال -رحمه الله تعالى-: " {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} وقع نظيره قطعًا لأهل مكة لما لجوا في الكفر والعناد، ودعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف" ٢، فأصابتهم سنة أذهبت كل شيء حتى أكلوا الجيف والعلهز -وهو وبر البعير يخلط بدمه إذا نحروه- وأصابهم الخوف الشديد بعد الأمن، وذلك الخوف من جيوش رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزواته وبعوثه وسراياه، وهذا الجوع والخوف أشار لها القرآن على بعض التفسيرات؛ فقد فسر ابن مسعود آية "الدخان" بما يدل على ذلك".

ثم ذكر -رحمه الله تعالى - بعض الروايات عن ابن مسعود -رضي الله عنه- وعقب عليها قائلًا: "وفي تفسير ابن مسعود -رضي الله عنه- لهذه الآية الكريمة- ما يدل دلالة واضحة أن ما أذيقت هذه القرية المذكورة في "سورة النحل" من لباس الجوع أذيقه أهل مكة حتى أكلوا العظام، وصار الرجل منهم


١ سورة النحل: الآية ١١٢.
٢ البخاري: كتاب التفسير ج٦ ص٣٩، صحيح مسلم: كتاب صفات المنافقين ج٤ ص٢١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>