للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم على أحد بأحد النوعين الأولين لكنا نستطيع أن نفرق بين هذه الأمور الثلاثة في ذاتها.

أما أصحاب المنهج الأول فهم طائفة درسوا علوم الشريعة وتخرجوا من كلياتها فهم على علم ومعرفة -ولا شك- بشروط التفسير والمفسرين وعلى معرفة بعلوم الشريعة، وحين عمدوا إلى التفسير جاءت مخالفتهم للحق مجردة من التماس العذر لهم بالجهل.

وكان منهجهم هذا المنهج الإلحادي في التفسير.

أما أصحاب المنهج الثاني فطائفة لم يطلبوا العلوم الشرعية ولم يدرسوها في مدارسها بل تقاذفتهم المدارس في نواحٍ أخرى ليس منها علوم الشريعة ولما اشتد عودهم عز عليهم أن يطلبوا علوم الشريعة وهم الأساتذة وحسبوا -جهلا- أن علومها في متناول أيديهم، وأنها لا تحتاج إلى أكثر من تقليب الفكر في نصوص الكتاب والسنة والتعبير عنها من زواياها الضيقة من غير أن يكون في محيط علمهم لزوم توسيع دائرة النظر في النص الشرعي ليشمل كافة آيات القرآن والأحاديث الصحيحة وأنه لا يصح أن نأخذ ببعضه ونترك بعضه وبوحي هذا الاعتقاد الخاطئ انطلقوا يفسرون آيات القرآن الكريم، فوقعوا في الإلحاد من حيث لا يشعرون والمؤمن منهم من نبه إلى الحق فرجع إليه واستغفر من ذنبه، وأحسب أن هؤلاء لا يصح أن يقرنوا مع النوع الأول وقد رأيت أن خير وصف لمثل هؤلاء أن يسمى "منهج القاصرين"؛ لأنهم قصروا في تحصيل شروط المفسر وعجزوا عنها وتناولوا التفسير من غير بابه، فكانوا في قصورهم عن هذه الشروط كالقاصر في عدم اكتمال رشده ولست بهذا أُبرئهم من الخطأ أو ألتمس لهم عذرا أو أبرر لهم معصية. وإنما أمرهم إلى الله وهو أعلم بنا وبهم.

أما الصنف الثالث فلا منهج، وأنى يكون لهم ذلك وهم يخبطون خبط عشواء، وأنى يكون لمجنون منهج يسلكه وهو الذي يسير بوحي ساعته بل دقيقته التي يعيشها لا صلة لها بماضٍ ولا مستقبل وإن كان لها من صلة فعلى غير وجه الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>