للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أين يدري هو? فقالت: فإن لم يعلم هو فإن رب أمير المؤمنين يرى ذلك، فلما أصبح عمر قال لابنه عاصم: اذهب إلى مكان كذا وكذا فإن هناك صبية, فإن لم تكن مشغولة فتزوج بها لعل الله أن يرزقك منها نسمة مباركة، فتزوج عاصم بتلك البنية فولدت له أم عاصم بنت عمر، فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه.

ولما دخل أبو مسلم الخولاني المدينة من اليمن وكان الأسود بن قيس الذي ادعى النبوة باليمن عرض عليه أن يشهد أنه رسول الله فأبى، فقال: أتشهد أن محمدًا رسول الله? قال: نعم قال: فأمر بتأجيج نار عظيمة وألقي فيها أبو مسلم فلم تضره، فأمر بنفيه من بلاده فقدم المدينة، فلما دخل من باب المسجد قال عمر: هذا صاحبكم الذي زعم الأسود الكذاب أنه يحرقه فنجاه الله منها، ولم يكن القوم ولا عمر سمعوا قضيته ولا رأوه، ثم قام إليه واعتنقه وقال: ألست عبد الله بن ثوب? قال: بلى, فبكى عمر ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- شبهًا بإبراهيم الخليل -عليه السلام، خرجهن في فضائله، وخرج معنى الأخير بلفظ أوعب من هذا أبو حاتم.

وروي عن عمر أنه أبصر أعرابيًّا نازلًا من جبل فقال: هذا رجل مصاب بولده قد نظم فيه شعرًا لو شاء لأسمعكم، ثم قال: يا أعرابي من أين أقبلت? فقال: من أعلى هذا الجبل، قال: وما صنعت فيه? قال: أودعته وديعة لي، قال: وما وديعتك? قال: بني لي هلك قذفته فيه، قال: فأسمعنا مرثيتك فيه فقال: وما يدريك يا أمير المؤمنين? والله ما تفوهت بذلك، وإنما حدثت به نفسي، ثم أنشد:

يا غائبًا ما يئوب منه سفره ... عاجله موته على صغره

يا قرة العين كنت لي أنسا ... في طول ليلي نعم وفي قصره

<<  <  ج: ص:  >  >>