فلم أملك أن قلت: يا سارية الجبل ليلحقوا بالجبل، فلم تمض أيام حتى جاء رسول سارية بكتابه: إن القوم لقونا يوم الجمعة فقاتلناهم من حين صلينا الصبح إلى أن حضرت الجمعة، وذر حاجب الشمس فسمعنا صوت مناد ينادي الجبل مرتين فلحقنا بالجبل، فلم نزل قاهرين لعدونا حتى هزمهم الله تعالى.
ويروى أن مصر لما فتحت, أتى أهلها عمرو بن العاص وقالوا له: إن هذا النيل يحتاج في كل سنة إلى جارية بكر من أحسن الجواري فنلقيها فيه وإلا فلا يجري, وتخرب البلاد وتقحط، فبعث عمرو إلى أمير المؤمنين عمر يخبره بالخبر, فبعث إلى عمرو:"الإسلام يجب ما قبله" ثم بعث إليه بطاقة قال فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم، إلى نيل مصر من عبد الله عمر بن الخطاب, أما بعد فإن كنت تجري بنفسك فلا حاجة بنا إليك، وإن كنت تجري بالله فاجر على اسم الله" وأمره أن يلقيها في النيل فجرى في تلك الليلة ستة عشر ذراعًا، وزاد على كل سنة ستة أذرع.
وفي رواية: فلما ألقي كتابه في النيل جرى ولم يعد يقف، خرجهما الملاء في سيرته.
وعن خوات بن جبير قال: أصاب الناس قحط شديد على عهد عمر فأمرهم بالخروج إلى الاستسقاء, فصلى بهم ركعتين وخالف بين طرف ردائه، فجعل اليمين على اليسار واليسار على اليمين ثم بسط يديه وقال: اللهم إنا نستغفرك ونستقبلك، فما برح حتى مطروا، فبينما هم كذلك إذ قدم الأعراب فأتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين, بينا نحن في بوادينا في يوم كذا في ساعة كذا إذ أظلتنا غمامة فسمعنا فيها صوتًا وهو يقول: أتاك الغوث أبا حفص, أتاك الغوث أبا حفص.
وروي أنه عسّ ليلة من الليالي فأتى على امرأة وهي تقول لابنتها: قومي اللبن، فقالت: لا تفعلي، فإن أمير المؤمنين نهى عن ذلك، قالت: ومن