للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول: ونظرا لهذا الاختلاف في التعريف، فقد وقع الاختلاف في كونه كفرا أولا، مع اتفاقهم على تحريمه، فذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى كفر من يتعلم السحر ويستعمله، فيما فصَّل الشافعي فقال: "إذا تعلم السحر قلنا له صِفْ سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر بمثل ما اعتقد أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر" (١) .

قال الشنقيطي رحمه الله: "التحقيق في هذه المسألة هو التفصيل ـ فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله، كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر فهو كفر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة البقرة فإنه كفر بلا نزاع، كما دل عليه قوله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ، (...) وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها، فهو حرام حرمة شديدة، ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر" (٢) .

أقول: بهذا التفصيل تلتئم الأدلة، وتجتمع الأقوال، والله أعلم.

الخاتمة:

إلى هنا قد انتهى المقصود

والله ربنا هو المحمود

نشكره على جليل نعمه

ونستزيد من عظيم كرمه

ثم الصلاة والسلام سرمدا

على النبي والآل أنجم الهدى

وهذه المنظومة اللطيفة

قد شملت مباحثا منيفة

سميتها قلائد العقيان

لنظمها مسائل الإيمان

أعددتها ذخرا ليوم الازدحام

أرختها فافهم بنور في الختام.

وفي اختتام النظم بهذا الشطر ثلاث فوائد مقصودة بالذات:

أولها تأريخ النظم بحساب الجُمل - على واحدة من الطريقتين المعروفتين - إذ مجموع حروف " بنور في الختام" بهذا الحساب هو ١٤٢٠ وهي سنة نظم هذا المتن.


(١) نقله ابن هبيرة في الافصاح: ٢/٢٢٦.
(٢) أضواء البيان: ٤/٥٠.

<<  <   >  >>