وثانيها ما نص عليه أهل البديع من أن خير الختم ما كان بلفظ يؤذن بالختام، وأبلغُه لفظ الختم والتمام والكمال. ونظمه السيوطي بقوله:
وإن يجئ في الانتهاء مؤذن ... ... ... بختمه فهو البليغ الأحسن.
وثالثتها التفاؤل بهذه الكلمات في أن تكون خاتمتنا تضيئها أنوار شهادة التوحيد، بعيدة عن ديجور أهل الشرك والباطل. نسأل الله عز وجل أن يحسن خاتمتنا، آمين.
وبعدُ، فهذا الذي دبجه يراعي في هذه الأوراق هو مبلغ علمي، وغاية جهدي، وهو ما سمح به الوقت، وأسعفت به الهمة، في هذا الموضوع الشائك والخطير، جمَعتُ مادته من كتب متعددة، ومشافهات مع جماعة من أهل العلم من مشايخي وأهل الفضل علي.
وقد راعيت فيه الاختصار الشديد، مع الإحاطة بكل جوانب الموضوع، ولم شمله. أما الاختصار، فلأنني لو بسطت الكلام في هذه المباحث المعروضة لجاء الكتاب في عدة مجلدات، مع أن المقصود إنما هو تقديم متن مختصر مشروح ومُعَد للحفظ والتدريس. وأما الإحاطة فلأن هذه المنظومة تشتمل على كل المباحث النافعة في موضوع الإيمان، ولا تغفل شيئا مما يحتاج إليه المسلم في هذا الباب، بل إن فيها إشارات مفيدة في كافة أبواب العقيدة، بحيث يمكن أن تُدَرس العقيدة كلها من خلال هذه المنظومة، إذا راعى المدرِّس التفصيل اللازم في مواضع التفصيل، والإجمال في مواضع الإجمال.
على أنني كلما قلبت النظر في هذه الأوراق، رأيت فيها مواضع كثيرة تحتاج إلى تفصيل أكبر، وتمحيص أدق. فأقول مثلما قال القاضي الفاضل:
".. إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر، فأرجو مسامحة ناظريه فهم أهلوها، وأؤمل جميلهم فهم أحسن الناس وجوها..."(١) .