للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهنالك أدلة أخرى كثيرة، تركتُها اختصارا، لذلك فالصحيح الذي لا ينبغي العدول عنه، أن من ترك الصلاة مطلقا، كسلا وتهاونا (١) ، فهو كافر أكبر مخرجا من الملة. وهذا قول أحمد وإسحاق وجماعة عظيمة من السلف وأهل الحديث. بل نقل إجماع الصحابة على ذلك، فقال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: " كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة" (٢) .

قال الشوكاني معلقا على هذا الأثر: " والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة " (٣) .

ترك الزكاة أو الصوم أو الحج:

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: " وذهب طائفة منهم (أي: من أهل الحديث) إلى أن من ترك شيئا من أركان الإسلام الخمسة عمدا أنه كافر بذلك، وروي ذلك عن سعيد بن جبير ونافع والحكم، وهو رواية عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه وهو قول ابن حبيب من المالكية " (٤) .

أقول: ذكروا لهذا المذهب – أعني تكفير تارك الزكاة أو الحج أو الصيام – أدلة من نصوص الكتاب والسنة، لكنها تدور بين الصحيح غير الصريح، والصريح غير الصحيح، وقولِ من ليس قوله حجة. لذلك فالصحيح – وهو مذهب الجمهور – أن ترك واحد من هذه المباني الثلاثة – من غير جحود ولا استحلال – ليس كفرا، وإن كان ذلك من أعظم الكبائر، والله أعلم.

السحر:

اختلف أهل العلم في تعريف السحر، نظرا لخفائه ودقه معناه، قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "اعلم أن السحر في الاصطلاح لا يمكن حده بحد جامع مانع لكثرة الأنواع المختلفة الداخلة تحته، ولا يتحقق قدر مشترك بينها يكون جامعا لها مانعا لغيرها، ومن هنا اختلفت عبارات العلماء في حده اختلافا متباينا" (٥) .


(١) أما من تركها جدودا أو استكبارا فهوكافر إجماعا.
(٢) - رواه الترمذي في الإيمان-باب ما جاء في ترك الصلاة برقم: ٢٦٢٢ (ص٥٩٦) .
(٣) نيل الأوطار: ١/٣٦٣.
(٤) - جامع العلوم والحكم: ١٤٧.
(٥) أضواء البيان: ٤/٤١.

<<  <   >  >>