للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية رحمه الله:"وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، (...) كما في قوله: " ومن يتولهم منكم " فقد يحمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه منهم، في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرا، أو معصية أو شعارا لهم، كان حكمه كذلك" (١) .

فتبين إذن أن من التشبه بالكفار ما لا يكون كفرا، ومثاله أن يلبس مثل لباسهم (٢) ، وهو أمر عمت به البلوى في هذا العصر، ومنه ما هو كفر واضح مخرج من الملة كالسعي إلى الكنائس والبِيَع مع أهلها بزيهم، من شد الزنانير، وفحص الرؤوس، وكوضع قلنسوة المجوسي على رأسه لغير ضرورة دفع الحر أو البرد، وكتعليق الصليب في العنق، وغير ذلك. ومن ذلك أيضا مشاركة الكفار في أعيادهم، بإظهار الفرح والسرور، ورفع شعائر الكفر، وقد جاء عن عبد الله بن عمرو أنه قال: " من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة" (٣)

قال ابن تيمية رحمه الله: "وهذا يقتضي أنه جعله كافرا بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور، أو جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنار، وإن كان الأول ظاهر لفظه، فتكون المشاركة في بعض ذلك معصية ... " (٤)

الدعوة إلى وحدة الأديان:

وهذه من شناعات العصر ومحدثاته، وهي إحدى نتائج الهزيمة النفسية التي يعاني منها المفكرون المنتسبون إلى الإسلام.

وقد وجدت هذه الدعوة قديما عند بعض أهل الزندقة من غلاة الصوفية وغيرهم، كابن عربي الذي يقول:

******************************* (٥)


(١) اقتضاء الصراط المستقيم: ٨٣.
(٢) مما ليس شعارا للكفر كالزنار والصليب وما إلى ذلك.
(٣) البيهقي:
(٤) اقتضاء الصراط المستقيم: ٢٠٠.

<<  <   >  >>