للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} . الآيات. فانظر كيف نفى الله عز وجل الإيمان عن الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، مع أنهم عالمون أنهم مكلفون بالكفر به، إذ التوحيد لا يصح إلا بركنين اثنين: ركن الإيمان بالله وركن الكفر بالطاغوت.

والطاغوت – كما قرره ابن القيم رحمه الله – هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع من دون الله عز وجل، ومن رؤوس الطواغيت الذين ذكرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، الحاكم بغير ما أنزل الله.

وإذا كان التحاكم إلى الطاغوت – عن رضا واختيار – كفرا، فما حال نفس الحاكم بغير ما أنزل الله؟!

قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} .، وهي آية صريحة في كفر الذي لا يحكم بما أنزل الله. ولولا بعض الشبهات الإرجائية المثارة حولها، لما احتيج إلى إطالة الكلام في تفسيرها، فإنها نص لا يحتمل التأويل. وقد أشبع الكلام عليها بما لا يحتاج إلى مزيد، الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز في المجلد الثاني من "الجامع في طلب العلم الشريف" (١) على أن له في ثنايا كلامه اختيارات لا يتابع عليها، وليس هذا محل بسط ذلك. (٢)

- ثالثا: التحاكم إلى غير شرع الله:

مناط التكفير بالتحاكم إلى غير شرع الله أحد أمرين اثنين:

قبول الشرع الطاغوتي والرضا به، فهذا يكفر صاحبه إجماعا، لأن الرضا بالكفر كفر كما قد تقرر.


(١) ابتداء من الصفحة ٨٤٩.
(٢) انظر كلام الشيخ المقدسي في: " النكت اللوامع " وما جمعه صاحب كتاب " نواقض الإيمان القولية والعملية " حول هذا الموضوع.

<<  <   >  >>