للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرابعة: تسمية الأصنام والآلهة الباطلة بشيء من أسماء الله الحسنى، أو بعض ما اشتق منها، مثل اشتقاقهم العزى من العزيز، واللات من الله وغير ذلك. قال ابن القيم: " وهذا إلحاد حقيقة، فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتم الباطلة" (١) .

أقول:من تأمل النوعين الأخيرين، وجدهما ينطبقان على عبارات كثير من العصريين المتأثرين بحضارة الغرب شكلا ومضمونا. (٢) والله المستعان.

تشبيه صفات الله تعالى بصفات خلقه:

قبل الكلام على التشبيه المكفر، لا بد من تقرير أمر في غاية الأهمية، يفترق به أهل السنة والجماعة عن الطوائف المخالفة في باب الأسماء والصفات، وهو أنه ليس في شيء من الصفات الثابتة في الكتاب أو السنة تشبيه، وما دخل الداخل على المعطلة والمؤولة إلا عندما توهموا أن ظواهر النصوص تستلزم التشبيه، ففزعوا إلى تحريفها وتأويلها.

يقول اسحاق بن راهويه: "إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع، فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول كيف، ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها، وهو كما قال الله تعالى في كتابه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} " (٣) .

وفي نفس المعنى يقول نعيم بن حماد الخزاعي: "من شبه الله بشيء من خلقه كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه تشبيه" (٤) .


(١) المرجع السابق (١/١٦٩) .
(٢) من ذلك تسميتهم الله عز وجل بـ" القوة المدبرة الخفية" وإطلاقهم بعض ما يختص بالله تعالى من الأسماء والصفات على بعض البشر، خصوصا في مقام المدح والتملق.
(٣) - رواه الترمذي في كتاب الزكاة-باب ما جاء في فضل الصدقة، تعليقا على الحديث رقم: ٦٦٢ (ص١٧٠) .
(٤) سير أعلام النبلاء: ١٠/٦١٠.

<<  <   >  >>