للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قاعدة أهل السنة إثبات أسماء الله (١) على الوجه الأحسن، كما قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . وأسماء الله الحسنى أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وهي بهذا الاعتبار مترادفة، وهي أوصاف باعتبار دلالتها على المعاني المتضمنة لها، فتكون بهذا الاعتبار متباينة لدلالة كل اسم على معنى خاص.

وقد حرم الله تعالى الإلحاد في أسماء الله الحسنى فقال جل ذكره: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، وأصل الإلحاد هو الميل والعدول، وأما في الأسماء الحسنى فقد ذكر منه بن القيم رحمه الله أنواعا منها:

الأول: إنكار الأسماء الحسنى أو بعضها أو ما دلت عليه من الصفات والمعاني. وهذا نوع من أنواع التعطيل الذي لا يثبت معه إيمان. وهنا مرتبتان: الأولى تعطيل الأسماء مطلقا وهو قول غلاة الجهمية، والثانية إثبات الأسماء على أنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معانيَ، فيقولون سميع وبصير وحي ولكن بلا سمع ولا بصر ولا حياة، وهذا قول جماعة من أهل الاعتزال. قال ابن القيم عن هذه المرتبة: " وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا وشرعا ولغة وفطرة" (٢) .

الثاني: تشبيه الصفات التي تتضمنها أسماء الله بصفات الخلق، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وهذا الإلحاد – كما يقول ابن القيم – في مقابلة إلحاد المعطلة، والحق وسط بين البدعتين.

الثالث: تسمية الله بما لا يليق به من الأسماء، كتسمية النصارى له أبا، وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع، وغير ذلك من الأسماء الباطلة.


(١) لابن القيم في بدائع الفوائد مبحث نفيس في أسماء الله الحسنى: (١/١٥٩) .
(٢) بدائع الفوائد (١/١٦٩) .

<<  <   >  >>