للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد أجمع أهل العلم على أن سب الله عز وجل أو الاستهزاء به كفر جلي، وأن صاحبه مرتد شقي، خارج عن ملة الإسلام. وقد سبق أن نقلت قول ابن راهويه وابن تيمية في نقل هذا الإجماع، وأضيف هنا ما يلي من أقوال العلماء.

قال القاضي عياض رحمه الله: " لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم" (١) . وقال ابن حزم رحمه الله: " وأما سب الله تعالى، فما على ظهر الأرض مسلم يخالف انه كفر مجرد " (٢) . وسئل ابن أبي زيد القيرواني الملقب بمالك الصغير عن رجل لعن رجلا ولعن الله، فقال: إنما أردت أن ألعن الشيطان فزل لساني. فأجاب: يقتل بظاهر كفره ولا يقبل عذره، وأما فيما بينه وبين الله فمعذور" (٣) . وهذا الجواب - كما ترى - شديد، ولعل وجهَه الرغبةُ في سد هذه الذريعة التي يمكن أن يتذرع بها كل من وقع في هذا الكفر البواح. وفي هذا الجواب أيضا ما لا يخفى من تعظيم الله والتشديد في حقوقه على عباده، وتغليظ عقوبة من هونت عليه نفسه التجرأ على مقام الله الأعظم.

وأقول: كم في مجتمعاتنا من الذين حق عليهم القتل بمقتضى هذه الفتوى المالكية؟!

وبالجملة فأقوال أهل العلم وإجماعاتهم في هذا الباب كثيرة، وواضحة في المقصود (٤) .

الفصل الثاني: نواقض الإيمان في الأسماء والصفات

قلت في النظم:

هذا ومن أعاظم الأهواء

شركُ ذوي الإلحاد في الأسماء

ومثله الإنكار للصفات

مما أتى في واضح الآيات

تشبيهُ رب العرش بالخلائق

والعدل بالوصف عن الحقائق

الشرح:


(١) - الشفا: ٢/٥٨٢.
(٢) - المحلى: ١٢/٤٣٥.
(٣) - الشفا: ٢/٥٨٣.
(٤) انظر طرف صالحا منها في "نواقض الايمان القولية والعملية " (١١٢ وما بعدها) .

<<  <   >  >>