(هذا ومن أعاظم) جمع أعظم (الأهواء) جمع هوى وهو ما تهواه النفس وتميل إليه، وهو أحد الطواغيت التي تعبد من دون الله، كما قال تعالى:{أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}(شركُ ذوي الإلحاد في الأسماء) وسيأتي معناه (ومثله الإنكار للصفات) أي صفات الله عز وجل (مما أتى في واضح الآيات) القرآنية أو في الأحاديث النبوية. ومن أنواع الكفر في هذا الباب أيضا (تشبيه رب العرش) سبحانه وتعالى (بالخلائق و) كذلك (العدلُ) وهو الميل والجنوح (بالوصف) أي صفة الله عز وجل (عن الحقائق) إلى أنواع المجازات، وهذا العدل هو المسمى اصطلاحا بالتأويل، وليس كل تأويل كفرا، بل ينبغي التفصيل كما سيأتي.
يعتبر باب الأسماء والصفات من أعظم ما وقع فيه التنازع بين طوائف المنتسبين إلى القبلة طول تاريخ هذه الأمة من الوقت الذي نشأت فيه بذرة الخلاف في هذا الموضوع زمن اتباع التابعين إلى عصرنا الحاضر.
وإذا كانت المذاهب البدعية الأولى – مثل الجهمية والمعتزلة – قد كادت تنقرض ويندثر تأثيرها على الأمة، فإن مذهب الأشاعرة – ومثلهم الماتريدية – قد استطاع أن ينشر طيلسانه على الأمة الإسلامية كلها – حكاما ومحكومين، عامة وعلماء – منذ القرن الرابع الهجري إلى بدايات القرن الرابع عشر، قبل أن تبدأ الدعوات السنية في النشأة والنمو، نسأل الله لها التوفيق والسداد.
وقد أدى انتشار المذهب الأشعري – كما ذكرت – إلى جانب كونه ينتسب إلى السلف الصالح ولو بالجملة، وكونه يضم في صفوفه كثيرا من أهل العلم والفضل، إلى التباس كثير من المفاهيم العقدية إجمالا، وفي باب الأسماء والصفات على الخصوص، في عقول كثير من الناس، فأصبحوا يخلطون بين مذهب الأشاعرة ومذهب أهل السنة والجماعة، مع أن بينهما فرقا قد يدق في بعض المسائل حتى يتوحد المذهبان، وقد يتسع ويعظم في مسائل أخرى كثيرة.