للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وليعلم بأن هذا القول قد كثر أصحابه في هذا الزمان الذي انحسرت فيه المفاهيم الدينية أمام معاول الحضارة الغربية المادية. فكثر لغط الدهريين والطبيعيين الذين يزعمون أن الكون مازال موجودا وأنه لا خالق له ولا صانع!! والله المستعان (١) .

سب الله عز وجل أو الاستهزاء به سبحانه وتعالى:

هذه المسألة في مجتمعاتنا هي الطامة العظمى والداهية الشؤمى، التي عمت وانتشرت في بلادنا التي تدعي الانتساب إلى الإسلام مع أن أساس هذا الدين هو تعظيم الله عز وجل وتوقيره وإجلاله، وهذا لا يمكن أن يجتمع بحال مع سبه أو الاستهزاء به.

يقول ابن تيمية رحمه الله عن السب: "فهو إهانة واستخفاف، والانقياد للأمر إكرام وإعزاز، ومحال أن يهين القلب من قد انقاد له وخضع واستسلم، أو يستخف به، فإذا حصل في القلب استخفاف واستهانة، امتنع أن يكون فيه انقياد واستسلام" (٢) .

وتأمل قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} . قال ابن تيمية رحمه الله: " وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وآياته وبرسوله كفر، فالسب المقصود بطريق الأولى" (٣) .


(١) وقد تلقى هؤلاء ضربة قاصمة بعد ثبوت بعض الحقائق العلمية الأخيرة المؤكدة لنظرية "الانفجار الكبير" المبنية على أن الكون قد وجد بعد عدم وأنه مازال في ازدياد وتوسع. والحق أن في آيات القرآن وأحاديث السنة، غنية وكفاية لكل منصف، ولكن البعض لا يقنع بغير براهين العلم الحديث، وهذا في حد ذاته من أعظم الهزائم النفسية التي تعاني منها الأمة.
(٢) - الصارم المسلول: ٥١٩.
(٣) - الصارم المسلول: ٢٨.

<<  <   >  >>