للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والقول بقدم العالم نوع من أنواع التعطيل للرب الخالق سبحانه وتعالى. قال شيخ الإسلام رحمه اله: " وأما جعل المفعول المعيَّن مقارنا للخالق أزلا وأبدا فهذا في الحقيقة تعطيل لخلقه وفعله، فإن كون الفاعل مقارنا لمفعوله أزلا وأبدا مخالف لصريح المعقول" (١) . لذلك كان الجمع بين هذا القول وبين الانتساب إلى دين الإسلام أمرا في غاية التناقض.

يقول ابن تيمية رحمه الله: " ... فلهذا لا يوجد في عامة كتب الكلام المتقدمة القول بقدم العالم إلا عمن ينكر الصانع، فلما أظهر من أظهر من الفلاسفة كابن سينا وأمثاله أن العالم قديم عن علة موجبة بالذات قديمة، صار هذا قولا آخر للقائلين بقدم العالم، أزالوا به ما كان يظهر من شناعة قولهم من إنكار صانع العالم، وصاروا يطلقون الفاظ المسلمين من أنه مصنوع ومحدث ونحو ذلك، ولكن مرادهم بذلك أنه معلول قديم أزلي، لا يريدون بذلك أن الله أحدث شيئا بعد أن لم يكن، وإذا قالوا إن الله خالق كل شيء فهذا معناه عندهم" (٢) .

وكذلك، فإن القول بصدور هذا العالم عن الخالق سبحانه وتعالى صدورَ المعلول عن العلة، والمعلول عندهم متولد عن علته، هو من التنقص القبيح لله جل ذكره، بل هو أشنع من قول مشركي العرب: إن الملائكة بنات الله.


(١) مجموع الفتاوى: ١٨/٢٢٨.
(٢) مجموع الفتاوى: ٥/٥٣٩.

<<  <   >  >>