للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما أهل العلم ففي غفلة لاهون، قد انشغلوا ببعضهم البعض عن أعداء الملة وخصوم الدين، حتى استأسد الضبع واستنسر البغاث، ونطق الرويبضة.

خلا لك الجو فبيضي واصفري ... ... ... ونقري ما شئت أن تنقري

والله المستعان.

قلت في النظم:

كذا ادعاء قدم الأكوان

أو سب رب العالم الديان

الشرح

(كذا) أي أن من نواقض الإيمان المتعلقة بالربوبية (ادعاء قدم الأكوان) جمع كون وهو العالَم، (أو سب) معطوف على "ادعاء" (رب العالم الديان) نعت لرب، وهو من أسماء الله الحسنى ومعناه

القول بقدم العالم:

هذه البدعة المنكرة التي أحدثها الفلاسفة المتأرجحون بين شريعة الرحمان وزندقة اليونان، تناقِض توحيد الربوبية بشكل واضح، إذ حقيقتها إنكار وجود الصانع، الخالق للكون، المتقدم عليه، كما جاء في الحديث: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء" (١) .

ومعناه عندهم أن العالم ما زال موجودا مع الله تعالى، ومعلولا له، ومساوقا له مساوقة المعلول للعلة، غير متأخر عنه في الزمان. ويتضمن هذا القول أن الله تعالى علة تامة مستلزمة للعالم، والعالم متولد عنه تولدا لازما بحيث لا يمكن أن ينفك عنه. (٢)

وهذا القول باطل عقلا وشرعا، لذلك أجمعت طوائف الملل كلها على بطلانه، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "القول بقدم العالم قول اتفق جماهيرالعقلاء على بطلانه، فليس أهل الملة وحدهم تبطله، بل أهل الملل كلهم، وجمهور من سواهم من المجوس وأصناف المشركين: - مشركي العرب، ومشركي الهند وغيرهم من الأمم، وجماهير أساطين الفلاسفة كلهم معترفون بأن هذا العالم محدث كائن بعد أن لم يكن، بل وعامتهم معترفون بأن الله خالق كل شيء" (٣) .


(١) رواه البخاري في بدء الخلق برقم: ٣١٩١ (ص٦١٣) .
(٢) نواقض الإيمان القولية والعملية: ٩٨.
(٣) مجموع الفتاوى: ٥/٥٦٥.

<<  <   >  >>