للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبالجملة، فأقوال ابن عربي التي تصب في مسيل الإلحاد والزندقة كثيرة جدا. لذلك تواطات كلمة العلماء الذين خبروا مذهبه واطلعوا على حقيقة مقالاته، على التحذير من كتبه، والتنبيه على ضلالاته. فمن ذلك ما نقله الشيخ تقي الدين الفاسي عن الحافظ بن حجر رحمه الله أنه قال: إنه ذكر لشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني شيئا من كلام ابن عربي المشكل، وسأله عن ابن عربي، فقال له البلقيني: هو كافر. (١) ولما سئل عنه الشيخ محمد بن عرفة الورغمي المالكي رحمه الله قال ما معناه: من نسب إليه هذا الكلام، لا يشك مسلم منصف في فسقه وضلاله وزندقته (٢) . وقال ابن دقيق العيد رحمه الله: سألت ابن عبد السلام عن ابن عربي، فقال: "شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا" (٣) . وقال تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي رحمه الله: " ... ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين، كابن العربي وأتباعه، فهم ضلال جهال، خارجون عن طريقة الإسلام، فضلا عن العلماء" (٤) .

أما كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن ابن عربي وأمثاله، فكثير جدا، وشديد العمق والوضوح.

وإنما أطلت بعض الشيء في الكلام على ابن عربي - مع أن له في مذهبه أضرابا كثيرين من أمثال بن الفارض والجيلي وغيرهم - لأننا صرنا نسمع في الآونة الأخيرة بعض الدعوات الإلحادية يقودها علمانيون متسترون بدثار الصوفية، غايتها إعادة إحياء عقيدة ابن عربي وكتبه بعد أن كادت تندثر. وصرنا نرى المنتديات واللقاءات تعقد في ذكرى "شهداء الفكر الإسلامي الحر" و"حملة لواء التنوير في التاريخ الإسلامي" ويقصدون بذلك ابن عربي والحلاج وأضرابهما!!


(١) جزء في عقيدة ابن عربي وحياته: ٣٩.
(٢) تفس المرجع: ٤٠.
(٣) نقله تقي الدين الفاسي في جزئه المذكور آنفا: ٤٥.
(٤) نفس المرجع: ٥٥ وفيه أقوال أخرى لعلماء آخرين في هذا الموضوع.

<<  <   >  >>