للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكُفّ عنهم.

ــ

سُكنى البادية فيها جفاء، أمّا سُكنى الحاضرة الإسلاميّة ففيها في الغالب خير، وفيها تعلُّم العلم النّافع، وفيها مخالطة الصّالحين، فالتعرُّب فيه جهل، وفيه بعدٌ عن العلم، خلاف الهجرة ففيها خيرٌ كثير.

"يجري عليهم حكم الله تعالى" أي: حكم الإسلام، فيكونون مسلمين، ولكن " لا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء" الغنيمة هي: ما يستولي عليه المسلمون من أموال الكُفّار في أثناء القتال.

وقد تولّى الله تعالى قسمَتها في كتابه فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ، وأربعة الأخماس الباقية توزّع بين المقاتلين: للرّاجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، سهمٌ له وسهمان لفرسه.

فهؤلاء الذين أسلموا ولكنّهم لم ينتقلوا إلى بلاد الهجرة، وبقوا في البادية؛ ليس لهم من الغنيمة شيء، لأنّهم لم يشاركوا المجاهدين ولم يكونوا في بلد المجاهدين رِدْءاً لهم، لأنّ الذين يقيمون في الحواضر يكونون رِداً للمجاهدين إذا احتاجوا إليهم.

"فإنْ أبَوا" يعني: أبوا الإسلام، فينتقل معهم إلى الخصلة الثانية، وهي: طلب الجِزْية.

والجزية: مقدارٌ من المال يدفعه الكافر حتى يُحْقَنَ دمه ويعيش تحت ظلِّ الإسلام وحكم الإسلام، ويبقى على كفره، لكن يكون خاضعاً لحكم الإسلام.

واختلف العلماء- رحمهم الله- هل تُؤخذ الجزية من كُلِّ كافر كما هو ظاهر هذا الحديث، أو أنّها تُؤخذ من أهل الكتاب فقط لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩) } ، فخصّ الله في الآية أهلَ الكتاب: اليهود والنصارى، فالذين أوتوا الكتاب هم اليهود والنصارى، وأُلْحِقَ بهم المجوس بسنّة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب" يعني: في أخذ الجزية، فهم يُسَنُّ بهم سنة أهل الكتاب في أَخذ الجزية، أمّا ذبائحهم فهي حرام، بخلاف ذبائح أهل الكتاب، ونسائهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>