وعلا لم يذكر في القرآن عدد الأرضين، ولكنّه أشار إلى هذا في قوله تعالى:{اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} ، فقوله تعالى:{وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} ، يدلّ على أنّ الأرضين سبع، وجاء مصرَّحاً بذلك في السنّة كما في الأثر الأوّل، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من اقتطع شِبْراً من الأرض طُوِّقَه يومَ القيامة من سبع أَرَضين"، فدلّ هذا على أنّ الأَرَضين سبع.
سادساً: فيها بيان كيفيّة هذه المخلوقات، وأنّ بعضَها فوق بعض، فالأرض أوّلاً ثم السموات، ثم الكرسيّ، ثم البَحْر، ثم العَرْش، وأنّ العرش هو أعظم هذه المخلوقات وفيها رد على من يقول إن العرش هو الملك وأن معنى:{اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} استولى على الملك.
سابعاً: فيها أنّ الكرسي غير العرش، وأنّه مخلوق مستقل، ردّاً على من زعم أنّه العرْش، أو أنّ المراد به العلم.
ثامناً: في هذه النّصوص إثبات علوّ الله على عرشِه، ردًّا على الجهميّة والمعتزلة والأشاعرة ونُفاة العلوّ الذين ينفون علوَّ الله على عرشِه.
تاسعاً: فيها إثبات إحاطة علمِ الله- جلّ وعلا بكلِّ شيء-، وأنّه لا تخفى عليه أعمال عباده صغيرُها وكبيرُها.
عاشراً: فيها وُجوب إفراد الله تعالى بالعبادة، لأنّه إذا كانت هذه المخلوقات العظيمة حقيرةٌ بالنسبة إليه سبحانه وتعالى، وصغيرة بالنسبة إليه، وأنّه يتصرّف فيها جل وعلا، ويعلم ما يجري فيها وما يكونُ فيها؛ فهو المستحقُّ للعبادة، وبُطلان عبادة ما سواه ممّن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرًّا ولا موتاً ولا حياةً ولا نُشوراً.
وبهذا انتهى شرح هذا الكتاب المبارَك:"كتاب التّوحيد الذي هو حقُّ الله على العبيد".
والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.