ثالثاً: أنّهم هم الذين تلقّوا هذا الدين عن الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تلقّوا القرآن وتلقّوا السنّة، وتلقّوا هذا الدين عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم بلّغوه لمن بعدَهم بأمانة وإخلاص.
رابعاً: أنّهم هم الذين نشروا هذا الإسلام في المشارق والمغارب، في وقت الرّسول وبعد وفاة الرّسول، فهم الذين جاهدوا وفتحوا الفتُوح، ونشروا هذا الدين في مشارق الأرض ومغاربها رضي الله عنهم فلا يحبهم إلاَّ مؤمن ولا يبغضهم إلاّ كافر أو منافق.
وقال النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تسبّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفَه".
إلى غير ذلك من الأدلّة الدالّة على فضل صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أثنى الله عليهم في محكم كتابه، وأثنى عليهم رسولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأجمعت الأمة على فضلهم وسبْقِهم، وأنّهم خيرُ القرون، بل خيرُ الأمم، فمن سبّهم أو سبّ أحداً منهم فإنّه يكونُ مكذِّباً لله ولرسوله ولإجماع المسلمين.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ثم الذين يلونهم" يعني التّابعين، فجيلُ التابعين لهم فضلٌ عظيم، وهم في المرتبة الثّانية بعد صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنّهم تتلمذوا على الصّحابة، وأخذوا علمَهم عن الصّحابة، فبذلك حصلوا على هذا الفضل العظيم وصاروا في المرتبة الثّانية في الفضيلة بعد صحابة رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.