للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبعد النّاس عن الزّنا، لأنّه ضعُفت فيه الشهوة وداعي الزنا، وأيضاً هو يتطلّع إلى الموت والانتقال إلى الدّار الآخرة، فكان الواجب عليه التّوبة والاستعداد للآخرة، والاستعداد للقاء الله، فإذا زنى وهو في هذه السنّ فهذا دليلٌ على قُبح أخلاقِه، وعلى أنّ الزنى سجيّةٌ فيه.

أمّا الشّاب وإنْ كان الزنا في حقِّه حرام وقبيح، لكن فيه دافع الشهوة وقوّة الشهوة.

الثّاني: "عائلٌ" المراد به: الفقير.

"مستكبر" الكبر قبيح، لأنّ الإنسان مطلوبٌ منه التواضُع، والتواضع لربّه سبحانه وتعالى، والتواضُع لخلق الله عزّ وجلّ، فالاستكبار ضدّ التواضع.

والاستكبار يحمل الإنسان على الكفر أحياناً وترك عبادة الله عزّ وجلّ استكباراً، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ، والذي سبّب لإبليس ما سبّب من الخزي والكفر هو الاستكبار {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} ، استكبر عن السّجود لآدم حسداً لآدم واستكباراً، فسبب عدم سجوده هو الكبر، استكبر عن أمرِ الله عزّ وجلّ.

وقد يستكبِر على عبادِ الله ويرى أنّه فوقهم، وأنّه أعلى منهم، هذا أيضاً من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله عزّ وجلّ، فالكبر كلّه قبيح من كلّ أحد، لأنّ المطلوب من الإنسان التواضع.

ولكنّ الكبر من العائل- أي: الفقير- أشدّ، لأنّه لا داعي للكبر فيه، لأنّ الغني قد يغترّ بمالِه ويستكبر من أجل المال ويرى أنّه له درجة ترفعُه عن النّاس بسبب مالِه، فيحملهُ المال والغنى على الكبر: {كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (٧) } .

لكن العائل ليس عنده سبب للكبر، فاستكبارُه من باب السجيّة القبيحة فيه، لأنّه استكبر من غير سبب، فدلّ على أنّ الكبر سجيّة فيه وطبيعةٌ فيه، لا من أجل سبب خارجيّ، فلذلك صار استكبارهُ أشدّ من استكبار الغنيّ.

والثّالث:- وهو محلّ الشّاهد من الحديث للباب-: "رجل جعلَ الله بضاعته" هذا عامٌّ للرجال وللنساء، ولكن ذكر الرّجال من باب التغليب، وإلاَّ فهو عامٌ للرجال وللنّساء".

<<  <  ج: ص:  >  >>