وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اثنتان في النّاس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت".
ــ
يعلم هذا فيهون عليه الأمر، يعلم أنها من عند الله فيرضى بقضاء الله، ولا يجزع ولا يسخط، ويسلِّم لله عزّ وجلّ، ولقضاء الله وقدره.
وقد سمّى الله هذا التسليم وهذا الرضى إيماناً، فقال: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ} يعني: يرضى بقضاء الله ويسلِّم له، وهذا هو الشاهد: إن الله سمى الصبر على المصيبة والرضى بقضاء الله وقدره إيماناً.
{يَهْدِ قَلْبَهُ} فثمرة الرضاء بقضاء الله والصبر والاحتساب: هداية قلبه، لأن الله يجعل في قلبه الإيمان والبصيرة والنور، وهذه ثمرة الصبر على قضاء الله وقدره.
أما الذي يجزع فإن ذلك يسبِّب العكس، يسبِّب عمى قلبه، واضطراب نفسه، فهو يكون دائماً في اضطراب وقلق. أما المؤمن فهو مرتاح، من هذا كله.
فدلّت الآية على مسائل عظيمة:
المسألة الأولى: أن المصائب كلها بقضاء الله وقدره.
المسألة الثانية: أن الرضى بها والصبر عليها من خصال الإيمان، لأن الله سمّاه إيماناً.
المسألة الثالثة: أنّ ذلك يُثمر هداية القلب إلى الخير وقوة الإيمان واليقين.
قال: وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اثنتان من النّاس" إلخ.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثنتان" يعني: خَصْلتان.
"في النّاس" في بني آدم حتى ولو كانوا مسلمين فإنه يوجد في بعض المسلمين بعض خصال الجاهلية وبعض خصال الكفر الذي لا يخرج من الملة.
" هما بهم كفر" هو كفر أصغر، لأن الكفر إذا نُكِّر فإنه يُراد به: الكفر الأصغر، أما إذا عُرِّف بـ (الألف واللام) فإنه يُراد به: الكفر الأكبر، كما في قوله: "بين العبد وبين الكفر والشرك: تركُ الصلاة"، وليس كلُّ من قام به خصلة من خصال الكفر يكون كافراً خالصاً، وإنما يكون فيه خصلة من خصال الكفر، كما أنه