للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسامة، إلا أنّ ابن لهيعة ولئن كان كذلك فهو تصريح لا شك فيه، ولكن يعلو

عليه ما جاء في حديث ابن عباس في بعض ألفاظه: " من مر بقبر من قبور

الأنصار، وبنو النجار من الأنصار " فيحتمل أن يكون الراوي قاله بالمعنى

الأول، والأنصار لفظة إسلامية لم يعرف بها مُسمى في الجاهلية؛ ولذلك قال

النعمان بن بشير الأنصاري- رضى الله عنهما- يخاطب عمرو بن العاص./

يا عم ولا تعد الدعاء فما لنا نسب يحدث فيه سوى الأنصار نسب تخيره إلَا

له لصحبنا أثقل به نسبًا على الكفار، وحديث القبرين الجديدين وفي حديث

مسلم: " فأحببت بشفاعتي أن تخفف ذلك عنهما "، والشفاعة لا تكون إلا

لمؤمن وفي الصحيحة، كونهما جديدين، وأما رواية: " من رفيق المدينة أو

مكة وهو البخاري في الصحيح، فيحتمل أن يكون سهوا من أحد الرواة،

وقد استدرك ذلك أبو عبد الله؛ فذكره في كتاب الأدب على الصواب المدينة،

وقوله: وما يعذبان في كبير تحمل معنيين، والذي يجب أن يحمل عليه منهما

أنَّهما لا يعذبان في كبير إزالته أو دفعه أو الاحتراز عنه، وأنه سهل يسير على

من يريد التوفي منه، ولا يراد بذلك أنه صغير من الذنوب؛ لأنه ورد في

الصحيح وإنه لكبير، قال الماوردي: والنميمة قد تكون من الكبائر؛ فيحتمل

على أنه يريد به في كثير علمهم تركه- وإن كان كبيرًا عند الله تعالى- ولا

شك أن النميمة كبيرة، قال: المنهي عنه على ثلاثة أنحاء؛ منه ما يشق تركه

على الطباع، كالبلاد المنهي عنها، ومنه ما ينبو عنه الطبع ولا تدعو إليه،

كالنهي عن قتل نفسه وغيره، ومنه ما لا مشقة فيه على النفس في تركه، فهذا

القسم مما يقال فيه ليس بكثير على الإنسان تركه، وقال عياض: قوله وما

يعذبان في كبير إذا كبير عندكم، كقولهَ تعالى: (وتحسبونه هينًا وهو مند

الله عظيم) (٢) أو سبب ذلك أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان

الصلاة، وتركها كبيرة، وأما النميمة فقد تكون كبيرة، ولا سيما إذا تكررت،

وبذلك أشعر قوله: كان يمشي بالنميمة، وفي كتاب الإحياء للشيخ أبي

حامد- رحمه الله تعالى- إنما تطلق في الأكثر على من يتم قول الغير إلى


(١) تقدم ذكره في: " الحاشية السابقة ".
(٢) سورة النور آية: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>