المقول فيه، كما يقول: فلان يتكلّم فيك بكذا، وليست النميمة مخصوصة
هذا بل؛ حدّ النميمة/: كشف ما يكره/كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو
المنقول إليه، وسواء أكان ذلك بالكتابة أو الرمز أو الإِيماء، فحقيقة النميمة
إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه؛ فلو رآه يخبئ مالا لنفسه فذكره
فهو نميمة، وكلّ من حملت إليه نميمة، وقيل له: فلان يقول فيك أو يفعل
فيك كذا فعليه ستة أمور:
الأول: أن لا يصدقه؛ لأن النمّام فاسق.
الثاني: ينهاه عن ذلك.
الثالث: يبغضه في الله.
الرابع: لا يظن بأخيه الغائب سوغا.
الخامس: لا يحمله ما حكاه له على التجسس والبحث عن ذلك.
السادس: لا يرضى لنفسه ما نهى عنه النّمام، فلا يحكي بنميمة عمه
فيقول: فلان حكى كذا؛ فيصير نمّاما؛ لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك
إذا فعلت عظيم، فإن كانت النميمة في مصلحة، فلا مانع منها وذلك كما
إذا أخبره أن إنسانا يريد الفتك به أو بأهله أو ماله، أو أخبر الإمام أو من له
ولاية أنّ إنسانًا يسعى بما فيه مفسدة؛ فيجب على صاحب الولايةَ الكشف عن
ذلك وإزالته، فكلّ هذا وشبهه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبًا وبعضه
مستحبا على حسب المواطن. انتهى. أهل اللغة يفرقون نميت- مخففة-
ونميت- مشدّدة- فالأول إذا بلغته على وجه الإصلاح، والخبر الثاني على
وجه الإِفساد، ولم يبين الشيخ أبو حامد ذلك فيَ كلامه، فليس على من لا
يعرف اشتقاق التمهيد، والله أعلم.
وأما حديث أبي بكرة: " فيعذّب في الغيبة " فالغيبة مخالفة للتمهيد؛ إذ هي
ذكر المرء بسوء فيه من رواية، وفي قول الشيخ أبي حامد: النميمة هتك الستر
معنى من معاني الغيبة؛ لأنك إذا ذكرنه بسوءٍ فقد هتكت ستره بذكرك ذلك،
وإذا كان كذلك كانا بمعنى واحد، ويكون الراوي يمح في هذا المعنى، وقوله: