أو للكافرين! فذهب أبو عمر بن عبد البر إلى أن لا تكون إلا لمؤمن أو منافق
من أهل القبلة ممن حقن الإِسلام دمه، وبنحوه قاله الحكيم أبو عبد الله
الترمذي في نوادر الأصول، وخالفهم أبو محمد الإشبيلي فزعم أنها تعم المؤمن
والمنافق والكافر، واختاره القرطبي في التذكرة قال: وقد اختلف في هذين
المعذبين- أعني اللذين في حديث ابن عباس- هل كانا من أهل القبلة أم لا،
فقال: إن كانا منها فالمرجو لهما بذلك تخفيف العذاب عنهما مطلقا، وإن
كانا كافرين فالمرجو تخفيف العذاب المطلق بهذين الديتين المذكورين، أما
قوله: إن كانا كافرين إلى آخره، فهو طريق الشكّ، وهو قول مسنده فيما
أظن، والله أعلم. حديث رواه أبو موسى المدني في كتاب الترغيب والترهيب
من حديث ابن لهيعة عن أسامة بن زيد عن أبي الزبير عن جابر قال: " مر
نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية،/فسمعها، يعذبان
في البول والنميمة " (١) . كذا قال: هذا حديث حسن وإن كان إسناده ليس
بالقوي؛ لأنهما لو كانا مسلمين لما كان لشفاعته لهما إلى أن ييبسا معنى،
ولكنه لما رآهما يعذبان لم يستجز من عطفه ولطفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمهما من ذلك
فشفع لهما إلى المدّة المذكورة، والله أعلم وقد نا بحديث أبي الحسن
البغدادي، أنا شهرة قرأه عليه وأنا أسمع، نا الحسن بن طلحة الثعالبي قرأه عليه
ونحن نسمع، نا أبو القاسم الحسن بن الحسن المسندي، أنا أبو علي البردعي،
نا أبو بكر بن أبي الدنيا محمد بن علي، نا النضر بن شميل، نا أبو الغرام-
واسمه عبد العزيز بن ربيع الباهلي- نا أبو الزبير عن جابر، ولفظه غير اللفظ
الذي ساقه أبو موسى قال: " كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسيرنا، فأتى على قبرين
يعذب صاحباهما فقال: إنهما لا يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يغتاب
الناس، وأمّا الآخر فكان لا يتبارى من بوله، ودعا بجريدة … " الحديث.
ولفظ أبي القاسم في الأوسط أخرجه من حديث ابن لهيعة عن أسامة بن زيد
عن أبي الزبير عن جابر: " مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبور نساء من بني النجار
هلكن في الجاهلية، في. فسمعهن يعذبن في النميمة، فأتى بجريدة " (١) عن
(١) تقدم في أحاديث الباب.