ونسب الشاطبي إلى الحنفية التفريق بين الفرض والواجب بهذا الفرق وهو كون الحكم في القرآن أو في السنة وقال: "وهو راجع إلى تقديم اعتبار الكتاب على اعتبار السنة" (الموافقات ٤/٧-٨) ، ولم يذكر من رجعت إلى كتبهم من الحنفية أن هذا الذي ذكره الشاطبي مذهبٌ لهم ولا أنه قول لبعضهم، وأما ما سبق عنهم فالظاهر أنه غير مبني على كون الحكم ثابتا بالقرآن أو بالسنة بل هو مبني على قوة الدليل وقطعيته سواء أكان من القرآن أم من السنة، لكن الأمثلة المشهورة في ذلك كلها ثبت الفرض فيها بالقرآن وثبت الواجب فيها بالسنة، كفرضية مطلق قراءة القرآن مع وجوب تعين الفاتحة، وفرضية مطلق حد الزنا مع وجوب التغريب معه، وفرضية مطلق الطواف مع وجوب الطهارة له، والقطعي من السنة - وهو المتواتر - لا يكثر التمثيل له وبناء الأحكام عليه في كتب الفقه وأصوله، فلا يبعد أن تكون حقيقة قول الحنفية راجعة إلى ما أشار إليه الشاطبي.