وأرسلوا طلبوا الناس التي خرجت … وعاد مُبعدها في الحال يدنيها
واستقبلوهم فردّ الباب دونهم … كُبَيْبَةٌ وجماعات مغبِّيها
وأخرجوهم فثار الشرُّ بينهم … لفتنة قد أراد الله يقضيها
وأرسلوا للأغا للصلح فاضطربت … أشياعه وأبَتْ إلا تماديها
وأرسلوا طلبوا هزاع ينصرهم … على المدينة كي ينفي أهاليها
فجاءهم بجنود كالحصى عددًا … البغيْ قادِمُها والظلم تاليها
وشمَّر الحاكم المذكور يسبح في … سفينة الجور يجريها ويرسيها
جرَّ البوادي لها من كل ناحية … فاندكَّ أسفلها منها وعاليها
وحسَّنت علماء السوء عثرته … بحكم طاغوتها فانجرَّ طاغيها
ومنهموا من تولَّى كِبْره وله … عقبى عذاب أليم في توليها
قالوا لنا نسبة الأنصار قلت لعلَّ … أفعالكم صدَّقَتْها في دعاويها
ستين يومًا أقاموا في محاصرها … قتلًا ونهبًا وهدمًا في صياصيها
أيام بؤس حكت أضعاف ما صنعت … أيام مسرفٍ المُرِّي باغيها (٢٦٧)
كأنها دار كفر قام مجتهدا … في فتحها يبتغي رضوان باريها
ونزَّلوها على حكم العدوِّ ولا … رثوا لذلِّتها في كفِّ مُدْليها
وأسفر الحال معه في ثمانية … وعشرة بقضاء الجوْر يَجْليها
وكتَّبوا كتبًا في الصلح واحتكموا … على الرعية حكما ليس يرضيها
(٢٦٧) مسرف المرِّي: هو مسلم بن عقبة الذي قاد الجيش الذي استباح المدينة في خلافة يزيد بن معاوية في موقعة الحرة وسمى مسرفًا لإسرافه في القتل والبطش. انظر: تاريخ الدولة الأموية للمؤلف (ج ١): ص ٢٧٦ - ٢٨٩.