للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول:

اليوم عندي سنة مُرَّةٌ … والعام لا يوصف عندي بحال

كم قد طواني حين لم أطوه … عمر شديد الوطء جم النكال

لو مت طفلا خلت أني به … معذب المهجة فيما أخال (١)

ثم وصف نفسه وهو في الثلاثين من العمر قائلا:

ثلاثون عامًا يالطول بقائنا … ويالمقامي فارغ النفس ثاويا

تعاظمتها لا استزيد بها الهوى … واهدرتها ايامها واللياليا

وأوسعتها جدا ولهوا وحكمة … وجهلا وتذكارا لها وتناسيا

فإن أكُ حَيَّا في حساب زمانها … فقد كنت في معنى الحقيقة فانيا (٢)

وقال وهو في الخمسين من العمر:

أخمسون عاما قد طويت كأنها … منام تو شِّيِه الرؤى وكذابها

وقد برمت نفسي علائل عيشها … فكيف وقد وَلَّتْ واقبل صابها (٣)

وقال وهو في السابعة والخمسين:

إني إلى الموت محجور فما رئتي … حتى ولا كبدي فيما اكَبَّدهُ

تلك التي بين عيني حين ابذرها … زهرا فتأتي المنايا وهي تحصده

وسبعة بعد خمسين مصادرها … ماء على رنق ماطاب مورده (٤)

وهكذا نرى أن بذرة التشاؤم كانت قد بذرت في نفس الشاعر من عهد الشباب، ثم أخذت تنمو مع الأيام والسنين حتى أصبحت شجرة باسقة تخيم بظلالها على حياته حتى انتهى به الأمر إلى اعتزال الناس إلا من بعض أصدقائه الخُلَّص وخاصة أهله الذين كانوا يتردَّدُون عليه بغية إخراجه من هذه العزلة التي فرضها على نفسه. حينما صدر ديوان الشاعر حمزة شحاتة يرحمه الله الذي كنت مشاركا في جمعه وترتيبه بتكليف من صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل مدَّ الله في عمره وحينما صدر هذا الديوان تأخر نشره في الأسواق، فكان بعض من يعلمون باشتراكي في جمعه وترتيبه يطلبونه مني، وكنت أجيب هذه الطلبات.


(١) الصوت والصورة ص ٣٢/ ٣٤.
(٢) أجنحة بلا ريش ص ١١١.
(٣) أجنحة بلا ريش ١٣٥/ ١٣٦.
(٤) الصوت والصدى ٦١/ ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>