للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليهم الحال، وانقلب الفال (١)، انشمر (٢) المشركون ففازوا بصفقة المغبون، فكما راموا العز ذلوا (٣)، وأرادوا استئصال المسلمين فاستؤصلوا، وأضيف إلى ذلك شقاوة الآخرة، فصارت الجملة أن هذه هي الصفقة الخاسرة؛ ولهذا قال تعالى: (فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا) (٤)، فالذين قتلوا هم المقاتلة، والأسراء هم الأصاغر والنساء.

قال (٥) الإمام أحمد: حدثنا هُشَيْم بن بشير، أخبرنا عبد الملك بن عمير، عن عطية القرظي قال: عُرضتُ على النبي يوم قريظة فشكوا فيَّ، فأمر بي النبي أن ينظروا: هل أنبت بعد؟ فنظروا فلم يجدوني أنبت، فخلى عني وألحقني بالسبي.

وكذا رواه أهل السنن كلهم من طرق، عن عبد الملك بن عمير، به (٦). وقال الترمذي: "حسن صحيح". ورواه النسائي أيضا، من حديث ابن جُرَيْج، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن عطية، بنحوه (٧).

وقوله: (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) أي: جعلها لكم من قتلكم (٨) لهم (وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا) قيل: خيبر. وقيل: مكة. رواه مالك، عن زيد بن أسلم. وقيل: فارس والروم. وقال ابن جرير: يجوز أن يكون الجميع مرادا.

(وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا): قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده علقمة بن وقاص قال: أخبرتني (٩) عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو الناس، فسمعت وئيد الأرض ورائي، فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجَنَّه، قالت: فجلست إلى الأرض، فمر سعد وعليه دِرْع من حديد قد خرجت منه أطرافه، فأنا أتخوف على أطراف سعد، قالت: وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم، فمر وهو يرتجز (١٠) ويقول:

لَبَّثْ قليلا يَشْهدُ الهَيْجَا حَمَلْ … مَا أحْسَنَ الموتَ إذا حَانَ الأجَلْ

قالت: فقمت فاقتحمت حديقة، فإذا فيها نفر من المسلمين، وإذا فيها عمر بن الخطاب، وفيهم رجل عليه تَسْبغَة (١١) له -تعني المغفر -فقال عمر: ما جاء بك؟ لعمري والله إنك لجريئة (١٢)، وما يؤمنُك أن يكون بلاء أو يكون تَحَوّز. قالت: فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت بي (١٣)


(١) في ت، أ: "وانقلب عليهم الفال".
(٢) في أ: "اشمر".
(٣) في ت: "فلما راموا العز أذلوا".
(٤) في ت: "يقتلون ويأسرون".
(٥) في ت: "روى".
(٦) المسند (٥/ ٣١١) وسنن أبي داود برقم (٤٤٠٤) وسنن الترمذي برقم (١٥٨٤) وسنن النسائي (٨/ ٩٢) وسنن ابن ماجه برقم (٢٥٤٢).
(٧) النسائي في السنن الكبرى برقم (٨٦١٩).
(٨) في ت، ف: "قبلكم".
(٩) في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده عن".
(١٠) في ت: "يرتجل".
(١١) في ت: "مشيقة" وفي ف: "نشيقة".
(١٢) في ت: "محدبة".
(١٣) في ت، ف: "لي".