للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القيامة، من غير أن ينقص من آثامهم شيئا" (١) وفي الصحيح: "ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سَنّ القتل" (٢).

وقوله: (وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي: يكذبون ويختلقون من البهتان.

وقد ذكر (٣) ابن أبي حاتم هاهنا حديثا فقال: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة، حدثنا عثمان بن حفص بن أبي العالية، حدثني سليمان بن حبيب المحاربي (٤) عن أبي أمامة، ، قال: إن رسول الله بلغ ما أرسل به، ثم قال: "إياكم والظلم، فإن الله يعزم يوم القيامة فيقول: وعزتي لا يجوزني اليوم ظلم! ثم ينادي مناد فيقول: أين فلان ابن فلان؟ فيأتي يتبعه من الحسنات أمثال الجبال، فيشخص الناس إليها أبصارهم حتى يقوم بين يدي الله الرحمن ﷿ ثم يأمر المنادي فينادي (٥) من كانت له تِبَاعة -أو: ظُلامة -عند فلان ابن فلان، فهلمّ. فيقبلون حتى يجتمعوا قياما بين يدي الرحمن، فيقول الرحمن: اقضوا عن عبدي. فيقولون: كيف نقضي عنه؟ فيقول لهم: خذوا لهم من حسناته. فلا يزالون يأخذون منها حتى لا يبقى له حسنة، وقد بقي من أصحاب الظلامات، فيقول: اقضوا عن عبدي. فيقولون: لم يبق له حسنة. فيقول: خذوا من سيئاتهم فاحملوها عليه". ثم نزع النبي بهذه الآية الكريمة: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ).

وهذا الحديث له شاهد (٦) في الصحيح (٧) من غير هذا الوجه.

وقال (٨) ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا أبو بشر الحذاء، عن أبي حمزة (٩) الثمالي، عن معاذ بن جبل، ، قال: قال لي رسول الله : "يا معاذ، إن المؤمن يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه، حتى عن كُحْل عينيه، وعن فتات الطينة بإصبعيه (١٠)، فلا ألْفَيَنَّكَ تأتي يوم القيامة وأحد أسعد بما آتاك (١١) الله منك" (١٢).

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١٤)

هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه، يخبره عن نوح (١٣) : أنه مكث (١٤) في قومه هذه المدة يدعوهم إلى الله ليلا ونهارًا، وسرا، وجهارًا،


(١) تقدم تخريج الحديث عند الآية: ٢ من سورة المائدة.
(٢) تقدم تخريج الحديث عند الآية: ٣٠ من سورة المائدة.
(٣) في ت: "روى".
(٤) في أ: "البخاري".
(٥) في ت، ف: "أن ينادي".
(٦) في ف، أ: "شواهد".
(٧) بعدها في ت، أ: "إن الرجل ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال وقد ظلم هذا، وأخذ مال هذا، وأخذ من عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا لم يبق له حسنة، أخذ من سيئاتهم، فطرح عليه".
(٨) في ت: "وروى".
(٩) في أ: "عن أبي النسائي".
(١٠) في أ: "بإصبعه".
(١١) في ت، ف: "أتاه".
(١٢) ورواه أبو نعيم في الحلية (١٠/ ٣١) من طريق إسحاق بن أبي حسان عن أحمد بن أبي الحواري به.
(١٣) في ت: "قوم نوح".
(١٤) في أ: "لبث".