للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جميعا، ولم يَبق منهم أحد، ولم يبق على وجه الأرض من بني آدم سوى أصحاب السفينة فقط.

(وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) أي: عبرة يعتبرون بها، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١١ - ١٢]. أي: وأبقينا لكم من السفن ما تركبون في لُجَج البحار، لتذكروا نعمة الله عليكم في إنجائكم من الغرق، وجَعْلكم من ذرّية مَن آمن به وصَدّق أمره.

وقوله: (وَعَادًا وَثَمُودَ) قد (١) تقدم الكلام على قصتيهما في غير ما سورة، منها في سورة "الأعراف" بما أغنى عن الإعادة (٢).

وأما أصحاب الرس فقال ابن جُرَيْج، عن (٣) ابن عباس: هم أهل قرية من قرى ثمود.

وقال ابن جريج: قال عكرمة: أصحاب الرَسّ بفَلَج وهم أصحاب يس. وقال قتادة: فَلَج من قرى اليمامة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم [النبيل] (٤)، حدثنا الضحاك بن مَخْلَد أبو عاصم، حدثنا شبيب بن بشر (٥)، حدثنا عكرمة عن ابن عباس في قوله: (وَأَصْحَابَ الرَّسِّ) قال: بئر بأذربيجان.

وقال سفيان الثوري عن أبي بُكَيْر (٦)، عن عكرمة: الرس بئر رَسوا فيها نبيهم. أي: دفنوه بها (٧).

وقال محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب [القرظي] (٨) قال: قال رسول الله : "إن أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الأسود، وذلك أن الله -تعالى وتبارك -بعث نبيا (٩) إلى أهل قرية، فلم يؤمن به من أهلها إلا ذلك العبد الأسود، ثم إن أهل القرية عدَوا على النبي، فحفروا له بئرا فألقوه فيها، ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم" (١٠) قال: "فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره، ثم يأتي بحطبه فيبيعه، ويشتري به طعاما وشرابا، ثم يأتي به إلى تلك البئر، فيرفع تلك الصخرة، ويعينه الله عليها، فيدلي إليه طعامه وشرابه، ثم يردها كما كانت". قال: "فكان ذلك ما شاء الله أن يكون، ثم إنه ذهب يوماً يحتطب كما كان يصنع، فجمع حطبه وحَزم وفرغ منها فلما أراد أن يحتملها وجد سنة، فاضطجع فنام، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائماً، ثم إنه هَبّ فتمطى، فتحول لشقه الآخر فاضطجع، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى، ثم إنه هب واحتمل حُزْمَته ولا يحسبُ إلا أنه نام ساعة من نهار (١١) فجاء إلى القرية فباع حزمته، ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع. ثم ذهب (١٢) إلى الحفيرة في موضعها الذي كانت فيه، فالتمسه فلم يجده. وكان قد بدا لقومه فيه بَداء، فاستخرجوه وآمنوا به وصدقوه". قال:


(١) في ف: "وقد".
(٢) في ف، أ: "إعادته".
(٣) في أ: "قال".
(٤) زيادة من ف.
(٥) في أ: "بشير".
(٦) في ف، أ: "بكر".
(٧) في ف: "فيها".
(٨) زيادة من ف والطبري.
(٩) في ف: "بعث نبيا من الأنبياء".
(١٠) في ف: "أصم".
(١١) في أ: "النهار".
(١٢) في ف، أ: "ثم إنه ذهب".