للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يبلغنا عنك أنك تقول: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا) أفَعَنَيْتَنَا أم عنيت قومك؟ فقال: "كلا قد عنيت". قالوا: إنك تتلو أنا أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء؟ فقال رسول الله : "هي في علم الله قليل، وقد آتاكم ما إن عملتم به استقمتم"، وأنزل الله: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [لقمان: ٢٧].

وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا على أقوال:

أحدها: أن المراد [بالروح] (١): أرواح بني آدم.

قال العوفي، عن ابن عباس في قوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) الآية، وذلك أن اليهود قالوا للنبي : أخبرنا عن (٢) الروح؟ وكيف تعذب الروح التي في الجسد، وإنما الروح من الله؟ ولم يكن نزل عليه فيه شيء، فلم يُحِرْ إليهم شيئًا. فأتاه جبريل فقال له: (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا) فأخبرهم النبي بذلك، فقالوا: من جاءك بهذا؟ فقال: "جاءني به جبريل من عند الله؟ " فقالوا له: والله ما قاله لك إلا عدو لنا. فأنزل الله: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ [مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ] (٣)﴾ الآية [البقرة: ٩٧].

وقيل: المراد بالروح هاهنا: جبريل. قاله قتادة، قال: وكان ابن عباس يكتمه.

وقيل: المراد به هاهنا: ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها. قال (٤) علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) يقول: الروح: ملك.

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله بن عُرْس (٥) المصري، حدثنا وهب بن رزق أبو هريرة (٦) حدثنا بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، حدثنا عطاء، عن عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله يقول: "إن لله ملكًا، لو قيل له: التقم السماوات السبع والأرضين (٧) بلقمة واحدة، لفعل، تسبيحه: سبحانك حيث كنت" (٨).

وهذا حديث غريب، بل منكر.

وقال أبو جعفر بن، جرير، : حدثني علي، حدثني عبد الله، حدثني أبو نِمْران يزيد بن سَمُرَة صاحب قيسارية، عمن حدثه عن علي بن أبي طالب، ، أنه قال في قوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) قال: هو مَلَك من الملائكة، له سبعون ألف وجه، لكل وجه منها سبعون ألف لسان، لكل لسان منها [سبعون] (٩) ألف لغة، يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها، يخلق الله من كل تسبيحة مَلَكًا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة (١٠).


(١) زيادة من ت، ف، أ.
(٢) في ت، ف، أ: "ما".
(٣) زيادة من ف، أ.
(٤) في ت، ف: "قاله".
(٥) في ت: "ابن عباس".
(٦) في هـ، ف، أ: "روق أبو هبيرة"، والمثبت من الطبراني.
(٧) في ف: "والأرض".
(٨) المعجم الكبير (١١/ ١٩٥) وقال الهيثمي في المجمع (١/ ٨٠): "وهب بن رزق لم أر من ذكر له ترجمة".
(٩) زيادة من ت، ف، أ، والطبري.
(١٠) تفسير الطبري (١٥/ ١٠٥).