للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا خبر عن السعداء، بخلاف ما أخبر به عن الأشقياء، فإن أولئك قيل لهم: (مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ) فقالوا معرضين عن الجواب: لم (١) ينزل شيئًا، إنما هذا (٢) أساطير الأولين. وهؤلاء (قَالُوا خَيْرًا) أي: أنزل خيرا، أي: رحمة وبركة وحسنًا لمن اتبعه وآمن به.

ثم أخبروا عما وعد الله [به] (٣) عباده فيما أنزله على رسله فقالوا: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ) كما قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧]، أي: من أحسن عمله في الدنيا أحسن الله إليه في الدنيا والآخرة.

ثم أخبروا بأن دار الآخرة خير، أي: من الحياة الدنيا، والجزاء فيها أتم من الجزاء في الدنيا، كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ [القصص: ٨٠] (٤) وقال تعالى: ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: ١٩٨] وقال تعالى ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٧]، وقال لرسوله (٥): ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى﴾ [الضحى: ٤].

ثم وصفوا الدار الآخرة فقالوا (٦): (وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ)

وقوله: (جَنَّاتُ عَدْنٍ) بدل من [قوله] (٧): (دَارُ الْمُتَّقِينَ) أي: لهم في [الدار] (٨) الآخرة (جَنَّاتُ عَدْنٍ) أي: إقامة (٩) يدخلونها (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ) أي: بين أشجارها وقصورها، (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ) كما قال تعالى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ (١٠) الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزخرف: ٧١]، وفي الحديث: "إن السحابة لتمر بالملأ من أهل الجنة وهم جلوس على شرابهم (١١)، فلا يشتهي أحد منهم شيئًا إلا أمطرته عليهم، حتى إن منهم لمن يقول: أمطرينا كواعب أترابًا، فيكون ذلك (١٢) " (١٣).

(كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ) أي: كذلك (١٤) يجزي الله كل من آمن به واتقاه وأحسن عمله.

ثم أخبر تعالى عن حالهم عند الاحتضار، أنهم (١٥) طيبون، أي: مخلصون من الشرك والدنس


(١) في أ: "أي: لم".
(٢) في أ: "هو".
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) في ت، ف، أ: "وقال الذين أوتوا العلم والإيمان" وهو خطأ.
(٥) في ت، أ: "صلوات الله عليه وسلامه"، وفي ف: "صلوات الله عليه".
(٦) في ت، ف، أ: "ثم وصف الدار الآخرة فقال".
(٧) زيادة من أ.
(٨) زيادة من ف، أ.
(٩) في أ: "مقامة".
(١٠) في ت، أ: "تشتهي" وهو خطأ.
(١١) في أ: "سرائرهم".
(١٢) في ف: "كذلك".
(١٣) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره من حديث أبي أمامة ، وسيأتي بإسناده عند تفسير الآية: ٣٣ من سورة النبأ.
(١٤) في ف، أ: "هكذا".
(١٥) في ت، ف، أ: "وهم".