للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَقه في دين الله ونَفَعه الله بما بعثني (١) ونفع به، فَعَلِم وَعَلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هُدَى الله الذي أرسلت به". (٢)

فهذا مثل مائي، وقال في الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد:

حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن همام بن مُنَبِّه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله أنه قال: "مثلي ومثلكم، كمثل رجل استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حوله (٣) جعل الفراش وهذه (٤) الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها، وجعل يحجُزُهُنَّ ويغلبنه فيقتحمن فيها". قال: "فذلكم مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحُجزكم عن النار، هَلُمّ عن النار [هَلُمّ عن النار، هَلُمّ] (٥) فتغلبوني فتقتحمون فيها". وأخرجاه في الصحيحين أيضا (٦) فهذا مثل ناري.

﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٨)

يخبر تعالى عن مآل السعداء والأشقياء فقال: (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ) أي: أطاعوا الله ورسوله، وانقادوا لأوامره، وصدقوا أخباره الماضية والآتية، فلهم (الحسنى) وهو الجزاء الحسن (٧) كما قال تعالى مخبرًا عن ذي القرنين أنه قال: ﴿قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ [الكهف: ٨٧، ٨٨] وقال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦].

وقوله: (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ) أي لم: يطيعوا الله (لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا) أي: في الدار الآخرة، لو أن يمكنهم أن يفتدوا من عذاب الله بملء الأرض ذهبا ومثله معه لافتدوا به، ولكن لا يتقبل منهم؛ لأنه تعالى لا يقبل منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا (أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ) أي: في الدار الآخرة، أي: يناقشون على النقير والقطمير، والجليل والحقير، ومن نوقش الحساب عذب؛ ولهذا قال: (وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)

﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ (١٩)


(١) في ت، أ: "بعثني به".
(٢) صحيح البخاري برقم (٧٩) وصحيح مسلم برقم (٢٢٨٢).
(٣) في ت: "ما حولها".
(٤) في أ: "وهذا".
(٥) زيادة من ت، أ، والمسند.
(٦) المسند (٢/ ٣١٢) وصحيح البخاري برقم (٦٤٨٢) وصحيح مسلم برقم (٢٢٨٤) وهو عنده من هذا الطريق.
(٧) في ت: "الخير".