للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خيرًا لي" (١)] (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا مُعُان بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: جلسنا إلى رسول الله فذكَّرنا ورقَّقنا، فبكى سعد بن أبي وقاص فأكثر البكاء، فقال: يا ليتني مت! فقال النبي : "يا سعد أعندي تتمنى الموت؟ " فردَّد ذلك [ثلاث] (٣) مرات ثم قال: "يا سعد، إن كنت خلقت للجنة، فما طال (٤) عمرك، أو حَسُن من عملك، فهو خير لك" (٥)

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو يونس -هو سُلَيم بن جُبير -عن أبي هريرة، عن النبي ؛ أنه قال: "لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدعوَن (٦) به من قبل أن يأتيه، إلا أن يكون قد وَثق بعمله، فإنه إذا مات أحدكم انقطع عنه عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره (٧) إلا خيرًا" تفرد به أحمد (٨)

وهذا فيما إذا كان الضر خاصا به، أما إذا كان (٩) فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت، كما قال الله تعالى إخبارًا عن السحرة لما أرادهم فرعون عن دينهم وتهدَّدهم بالقتل قالوا: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٦] وقالت مريم لما أجاءها المخاض، وهو الطلق، إلى جذع النخلة ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ [مريم: ٢٣] لما تعلم من أن الناس يقذفونها بالفاحشة؛ لأنها لم تكن ذات زوج وقد حملت وولدت، فيقول القائل أنى لها هذا؟ ولهذا واجهوها أولا بأن قالوا: ﴿يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [مريم: ٢٧، ٢٨] فجعل الله لها من ذلك الحال فرجا ومخرجا، وأنطق الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله، وكان (١٠) آية عظيمة ومعجزة باهرة صلوات الله وسلامه عليه (١١) وفي حديث معاذ، الذي رواه الإمام أحمد والترمذي، في قصة المنام والدعاء الذي فيه: "وإذا أردت بقوم فتنة، فتوفني إليك غير مفتون" (١٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سلمة، أنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو عن (١٣) عاصم عن (١٤) عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد؛ أن النبي قال: "اثنتان يكرههما ابن آدم الموت، والموت خير


(١) صحيح البخاري برقم (٦٣٥١) وصحيح مسلم برقم (٢٦٨٠).
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) زيادة من ت، أ، والمسند.
(٤) في ت، أ: "فأطال".
(٥) المسند (٥/ ٢٦٦).
(٦) في ت، أ: "لا يدعو".
(٧) في ت، أ: "عمله".
(٨) المسند (٢/ ٣٥٠).
(٩) في أ: "كان فيه".
(١٠) في ت: "فكان".
(١١) في ت: "عليه وسلامه".
(١٢) المسند (٥/ ٢٤٣) وسنن الترمذي برقم (٣٢٣٥). وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح".
(١٣) في ت: "ابن".
(١٤) في ت: "ابن".