للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا دعاء من يوسف الصديق، دعا به ربه ﷿، لما تمت النعمة عليه، باجتماعه بأبويه وإخوته، وما مَنَّ الله به عليه من النبوة والملك، سأل ربه ﷿، كما أتم نعمته عليه في الدنيا أن يستمر بها عليه في الآخرة، وأن يتوفاه مسلما حين يتوفاه. قاله الضحاك، وأن يلحقه بالصالحين، وهم إخوانه من النبيين والمرسلين، صلوات الله وسلامه [عليه و] (١) عليهم أجمعين.

وهذا الدعاء يحتمل أن يوسف، ، قاله عند احتضاره، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة، ؛ أن رسول الله جعل يرفع أصبعه عند الموت، ويقول: "اللهم في الرفيق الأعلى، اللهم في الرفيق الأعلى، اللهم في الرفيق الأعلى" (٢).

ويحتمل أنه سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا حان أجله، وانقضى عمره؛ لا أنه سأل ذلك منجزا، كما يقول الداعي لغيره: "أماتك الله على الإسلام". ويقول الداعي: "اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين".

ويحتمل أنه سأل ذلك منجزًا، وكان ذلك سائغا في ملتهم، كما قال قتادة: قوله: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) لما جمع الله شمله وأقر عينه، وهو يومئذ مغمور في الدنيا وملكها وغضارتها، فاشتاق (٣) إلى الصالحين قبله، وكان ابن عباس يقول: ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف، .

وكذا ذكر ابن جرير (٤) والسدي عن ابن عباس: أنه أول نبي دعا بذلك. وهذا يحتمل أنه أول من سأل الوفاة على الإسلام. كما أن نوحا أول من قال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾ [نوح: ٢٨] ويحتمل أنه أول من سأل نجاز ذلك، وهو ظاهر سياق قتادة، ولكن هذا لا يجوز (٥) في شريعتنا.

قال الإمام أحمد بن حنبل، : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "لا يتمنين أحدكم الموت لضُرٍّ نزل به، فإن كان لا بدّ (٦) متمنيا الموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي" (٧).

[ورواه البخاري ومسلم، وعندهما: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به إما محسنا فيزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب، ولكن ليقل: اللهم، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٤٣٧) وصحيح مسلم برقم (٢٤٤٤).
(٣) في ت، أ: "واشتاق".
(٤) في ت، أ: "جريج".
(٥) في ت، أ: "لا يجوز هذا".
(٦) في ت، أ: "كان ولا بد".
(٧) المسند (٣/ ١٠١).