للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب الشافعية:

يحدد الشافعية محل عقد المبيع تحديدًا صريحًا، لا يقبل التأويل، فهو الذي ينتهي (بتمليك عين، أو منفعة على التأبيد) ، وقد تقدم تفسيرهم المال بما يشمل المنفعة، والاختصاص تغليبًا.

بالإضافة إلى ما تقدم فإن الشروط التي تتصل بالمعقود عليه محل العقد صفات تتعلق بأعيان لها وجود خارجي.

والمنافع إنما عدُّوها من الأموال من قبيل التوسع والمجاز (بدليل أنها معدومة، لا قدرة عليها) . وقد نتج عن هذا اختلاف العلماء في صحة العقد عليها، وقد جرت مناقشة هذا الموضوع في معرض تحليل تعريف البيع ونقده.

(فقد منع جماعة صحة الإجارة، وأنه لو حلف شخص لا مال له، وله منافع يحنث على الصحيح كما قاله الرافعي، وأنه لو أقر بمال ثم فسره بمنفعة لم يقبل، كما دل عليه كلام الرافعي أيضًا، وقولهم في الوصية: إن المنفعة تحسب قيمتها من الثلث معناه: أنها كالمال المفوت، لا أنها في نفسها مال، لأنها لا وجود لها، وإنما يقدر وجودها لأجل تصحيح العقد عليها، وأيضًا المحدود إنما هو بيع الأعيان لا بيع المنافع، لأن بيع المنافع جنس برأسه ... ) (١) . ويجيب الخطيب الشربيني رحمه الله على الاعتراض على: نص الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، أن الإجارة بيع منفعة الأمر الذي يفيد أنها ملحقة بالأموال قائلًا:

(إنه محمول على ضرب من التوسع كما مر، لأن المنافع يقدر وجودها لأجل صحة العقد، وما دخله التقدير لا يكون حقيقة، كما يقدر الميت حيًّا ليملك الدية، وتورث عنه) (٢) .

فمن ثم قرر المتأخرون أن المال (يشمل المنفعة بل والاختصاص تغليباً) (٣)


(١) الشربيني، محمد الخطيب: مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج، (بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، سنة ١٣٩٨هـ/١٩٨٧م) : ٢/٢.
(٢) الشربيني: مغني المحتاج: ٢/٢.
(٣) القليوبي: حاشية على المحلى: ٢/٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>